عمال مشروع ''البرج العالي'' يعتدون على المتحف الوطني
آثار وتحف تعود لآلاف السنين مرمية في المفرغة العمومية بسطيف
تفاجأ القائمون على المتحف الوطني بسطيف، صبيحة أمس،بدخول عمال ورشات بناء
ما يعرف بالبـرج العالي أو فنــدق ''ماريوت''، إلى داخل السياج المحيـط بالمبنى العـام
وحديقة المتحـف، حيث تدخل الموظفــون وقاموا بطردهم إلى خارج السيــاج، بعد أن تم إجراء عملية تحديد جديدة لأشغال الحفر التي تم تثبيتها داخل الموقع الأثري.
تأتي هذه الخطوة بعد التحذيرات الكثيرة التي وجهت إلى وزارة الثقافة ومختلف الهيئات المحلية، لإنقاذ الآثار الموجــودة بالمنطقة، غير أن هذا السكــوت جعل الأمر يتطور إلى غاية المساس بملكية المتحـف من الجهة الخلفية، خاصة أن إدارة المتحف راسلت وزارة الثقافة قصد السمـاح بإنجــاز إدارة للمتحف بهذه الحديقة الخلفية، غير أنها رفضت بشكل قـاطع بحكم أن المنطقــة مصنفة ضمن التراث الوطني بموجب القانون 98/04 الخاص بحماية التراث الثقافي.
ولدى تنقل ''الخبر'' إلى عيـن المكــان، وجدت كل موظفي المتحف في اجتمــاع لتنسيق الجهود، والقيام بوقفة احتجــاجية أمام مقر ولاية سطيف، لإطـلاع المســؤول الأول على خطــورة الأمر، بعد إصـدار بيان، تلقت ''الخبر'' نسخة منه، ''للتنديد بالــواقعة، خـاصة
مع وجود خرائط رسمية تحدد الملكية العامة للمتحف.
مشروع البرج العــالي الذي كــان في الأصل ملكا للصندوق الوطني للتوفير والاحتيــاط،
ظل معطلا لأكثــر من 15 سنة كــاملة، حيث عرض للبيع عدة مرات وتم شــراؤه من طــرف شركة ''برومو بــاتي'' التي يمتلكهــا مستثمر محلي بقيمة 160 مليــار سنتيــم،
بعد تدخل الوزيــر الأول أحمد أويحيى والهيئة الوطنية للاستثمار، واشترط هذا المستثمر منحه مساحات إضــافية داخل حديقة التسلية، زيادة على المسبح الوحيــد في قلب المدينة الذي تحصل عليه بصيغة الامتياز لمدة 33 سنة قابلة للتجديد. وفور مباشرته لأشغــال هدم المسبح بــدأت تتضح معالم وجود آثــار بالجملة في بــاطن الأرض، منها مــا يعـود
للحقبة البيزنطية ومنهــا مــا يعود للعصر الإسلامي، خــاصة مــا تعلــق منهــا بالســور
الأســاسي الذي يحيــط بالقلعة البيزنطية المتــواجدة في حديقة التسلية، بمحــاذاة المتحــف
الوطني للآثار، زيادة على أحجار أثرية هامة كأعمدة من الحجر الكلسي، وعدد لا بــأس به من التيجان الكورنثية والدورية والإيونية ونقــوش منها الجنــائزية والنذرية التي تعود
إلى العصر الروماني، وحتى معادن ونقود وقطع ذهبيــة قديمة، لا يمكن أن تكتشف مع عملية الحفر بالآليات الثقيلة، حيث نقلت مع باقي الأتــربة إلى المفرغة العمومية وأمــاكن خــارج المدينــة ورميت دون أدنى اهتمــام، مــا جعل وزارة الثقــافة توفد لجنــة تحقيــق، لم تظهر نتائجه إلى غاية الآن.
المصدر جريدة الخبر 18-01-2012