مفهوم صيـانة وترميـم الآثـار من المعروف أن المادة الأثرية والمباني التاريخية تحمل قيما فنية وجمــالية وتــاريخية وحضـارية، وقد تكون المادة
الأثرية خالية من أي زخارف أو نقوش أو كتابات ولكنها تمثل قيمة علمية،والهدف من ترميم الآثار هو كشف القيم
الجمالية والفنية والتاريخية لهذا الآثار
وكذلك حمايتها طبقًا لما أقره القانون وأوصت به المواثيق الدولية لحمـاية الآثـار مثل ميثاق فينيسيـا 1966 والذي
اعتبر عملية الترميم من العمليات عالية التخصص، وهـذا كله يوضح أن أعمال الترميـم للآثار هي إجـراءات تتصل
بمادة الأثر والحاملة لعناصر فنية وجمالية ينبغي فهمها وإدراك أسلوب تصميمها وتحليل تلك العناصر.
إن التطور والتقدم السريع في الحفاظ على التــراث الإنســاني والحضـاري والتطـور في مفـردات المواد التي تتعـامل
مع هذا التراث تؤدي إلي ضرورة تطور المفهوم العالمي لترميم وصيانة هذا التراث والحفاظ عليه.
وإن مجال صيانة وترميم الآثار لا يعتمد فقط على المهارة اليدوية والخبرة الفنية فحسب بل يعتمد أيضًا على العلـوم
التكنولوجية والتي تكشف لنا ما في باطن الأثر حتى تكون قادرين على صيانته وترميمه
وكذلك فإن هــذا المجــال يعتمد على الدراسـات الهندسيـة والمعمـارية والتطبيقية والفنية كما أن تطور مجـال صيـانة
وترميم الآثار يتطلب منا أن نساير ما يستجد من طرق لتطبيق أفضلها حفاظًا على هذا التراث الخالد كما أنه يحتـاج
إلي قدرات متعددة وملكات متنوعة كالقدرة على
البحث العلمي المستمر حيث أن مجـال الصيـانة والترميـم متغير ومتطـور دائمًـا، كذلك يحتاج إلي المقدرة على التنفيذ
لنتائج الأبحاث والدراسات المستمـرة كمـا يحتـاج العمـل الترميمي إلي العمـل الجمـاعي إذ يقوم به فريق متعــاون من
مرممين وحرفيين وأثريين ومصورين ورسامين ولا يمكن لأي فئة منها أن تعمل بمعزل عن الأخرى.
وقد أفاد العلمــاء أن ترميم وصيـانة الآثـار هو وحدة عمل متكـاملة علميـة وعملية تراقب وتدرس وتحلل وتفكر بناء
على الأبحاث والمواثيق والخبرات لكي يكون ترميم الآثــار هو علمـا يحـافظ على حضـارة الأجيـال لكي يبقي الأثــر
كتابًا مفتوحًا أمام الدارسين لحضارات الشعوب وتاريخها.
ولقد كان للتقدم الهائل في العلوم والتكنولوجيا دور هام لا يمكن إنكاره في مجـال ترميــم وصيــانة الآثــار ذلك الدور
الذي يبدأ من لحظة الكشف عن الأثر ومرورًا بأعمال الفحص واختيار الوسائل المناسبة وإجراءات الترميم والصيانة
بشقيها وهي صيانة الأثر من مسببات التلف وصيـانته من الأخطار والكوارث كمـا أن الترميــم يحتـاج إلي حس فني
وذوق شخصي متميز لكشف هذه القيم من ناحية وإدراك هذه القيم وفهمها من ناحية أخرى وتوظيف ذلك عند إجراء
أعمال الترميم المختلفة ولهذا يمكن القــول أن أعمــال الترميــم المختلفة والصيــانة للآثــار هي عمليات علمية وتنفيذية
الترميــم Restorationلقد حظي مصطلح " ترميم " Restoration " باهتمام العديد من الباحثين الأوروبيين في ميـدان ترميــم الآثـار
في العصــر الحديــث. وقد اتفـق الكثيــر منهــم على المعنى الذي يدل عليه مصطلح " ترميم " Restoration "
حيث يطلـق على الأعمــال التطبيقية التي يقوم بهــا المرممــون من أجل حماية المبنى الأثــري من الانهيـار أو التلف
وبالإضافة إلى إصلاح ما تلف من المقتنيات الفنية المختلفة.
الحفــاظ Preservationأمـا مصطلح "الحفـاظ Preservation " فيطلق على الأعمــال التطبيقيـة والبحثيــة التي يقــوم بهــا المختصــون
في صيانة الآثار في سبيل المحافظة على الآثار بشتى أنواعها وصيانتها من التلف في الحاضر والمستقبل مستعينين
في سبيل تحقيق هذا الهدف بما وفرته لهم علوم الكيميــاء والفيزيــاء وغيرهــا من العلوم التجريبيــة من نتــائج علمية
وأجهزة حديثة يستخدمها المختصون في صيانة الآثار، وكذلك في فحص مكونات الآثار المختلفة وتعيين خصائصهـا
الفيزيائية والكيميائية وتحديد خطورة التلف الذي ألم بها ومظاهره المختلفـة على أسس علميـة واختيــار أفضل المــواد
الكيميائية وأنسب طرق علاج وصيانة الآثار وحمايتها من التلف حاضرا ومستقبلا.
وهكــذا نجد أن مصطلح الحفــاظ في مدلوله أعـم وأشمـل من مصطلـح الترميــم وإن كان مصطلح الترميـم يعتبر أقـدم
استخداما من مصطلح الصيانة في ميدان ترميم وصيانة الآثار.
الصيــانه Conservationمن المعروف أن هناك علاقة وطيدة بين مصطلح صيانة Conservationومصطلح الحفاظ Preservation
فكلاهما مرتبطين بالفعل اللاتيني Servare و الذي يعني "يحفظ ويصون ويعالج".
ومن كل ما سبق يمكن القول أن مصطلح صيانة Conservation يعبر عن تطور ميدان ترميم وصيــانة الآثـار،
وبعد أن أصبـــح هــــذا المصطلــح في الــوقت الحــاضر يربــط بيــن مصطلــح حفــظ Preservation وترميـــم
Restoration وأن عمليـات صيـانة الآثـار بشمولهـا وارتكازهـا على أسس علمية وفنية متطورة أصبحت تشتمل
على كل العمليات التي يقوم بها المتخصصون في سبيل المحـافظة على التـراث الإنسـاني المـادي من الفنـاء والتدهور،
كما أصبح المتخصص في صيانة الآثار Conservator يمثل حلقة الاتصال بين علماء الآثـــار وعلمــاء العلــوم
التجريبية التي تخدم ميدان صيانة الآثار وحفظها من التلف.
عبدالهادي- د.محمد- دراسات علمية في ترميم وصيانة الآثار غير العضوية-مكتبة زهراء الشرق-القاهره- 1997
عبدالوهاب، محمد فهمي -دراسات نظرية وعلمية في حقل الفنون الأثرية وطرق ومواد الترميم الحديثة، القاهرة، 1985 م.
توفيق، سيد، معالم تاريخ وحضارة مصر الفرعونية، مطبعة جامعة القاهرة، 1983 م.