دعاوى هدم الآثار تقليد جاهل أعمى لبلدان أخرى! أرجع المفكر الإسلامي، ومستشار الرئيس د.محمد سليم العوا سبب انتشـار دعاوى هدم الآثار لكونها أصنام وأوثان،
إلى الجهل بتعاليم الإسلام، وعدم فهمه على الوجه الصحيح، واتباع من لا علم لهــم من البلــدان الأخرى الذين هدمـوا
مسجد الشجرة وبيعة الرضوان، وهدموا منزل السيدة خديجة رضي الله عنها، وبيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي
ولد فيه؛ وبيت سيدنــا علي وزوجته السيدة فــاطمة الذي وصف أنه من بيوت التقوى، ومكتبــة مكة، ومكتبة الزبيــر،
ووصفه بأنه تقليد جاهل أعمى.
وقال العوا في تصريحات خاصة لـ"محيط" أن المصدر الذي جاءتنــا منه هذه الأفكار الهــدامة ليس مصــدر مصري،
أو مصدر مبني على فهم صحيح للدين الحنيف.
جاء ذلك على هامش مشــاركة دكتور العوا في جلسة الندوة الدوليــة التي عقدت اليــوم بعنوان " أهميـة التراث الثقافي
والمحافظة عليه : الرؤية الإسلامية للتراث الحضاري ".
وأكد العوا أنه شــارك في المؤتمر الذي تنظمه وزارة الدولة للاثـار مع مركز الأبحــاث والتــاريخ والفنــون والثقافة في
اسطنبول التابع لمنظمة التعاون الاســلامي، للتوعية بضرورة الحفاظ على تراثنـا الإسلامي، والتذكير بضرورة الحفـاظ
على التراث الانساني والثقـافي الذي تركه ابائنا الأوليــن، ليس آبائنــا القريبين من أهل المسيحية والإسلام وحسب، بل
آبائنا من القرون السحيقة الغابرة، من الفراعنة، والفينيقيين، والبابليين؛ لأن التراث هو تراكم حضاري للأمم يتراكم جيل
بعد جيل، بحيث تنشأ الشخصية المتميزة لكل شعب.
وتابع قائلاً أن عدم العناية بالتــراث وإهمــاله يؤدي إلى ضعف الهويــة الفرديــة والجمــاعية لــلأمم، ونحن نقف ضد هذا
الصنع ونقف أيضــاً ضد الدعــوات غير العلمية والجـاهلة التي تهدم التراث، والقمة الاسلامية التي تعقد قريباً في القاهرة
ستؤكد على هذا.
يواصل العوا: التراث ليست الأبنية الفخمة التاريخية لكنها مجموع أفكار وثقافات تتراكم حتى تصنع هوية الأمـة العربية
والإسلامية، فالمسلم العربي ليس منفصلاً عن تراث الرومان، والفراعنة أو التراث القبطي، وكذلك التراث الإسلامي الذي
دخل إلى مصر مع الفتح الإسلامي.
وروى العوا كيف أن الروائي والكـاتب الكبير جمال الغيطاني دله على كتاب يحكي فيه مــؤلفه عن علاقته مع أبيه، حين
اصطحبه من المقطم إلى صعيــد مصر، ومر به على المعــابد والآثارالتي قــال عنها الابن أنها أصنام قديمة كيف تركها
المسلمون دون إزالة، فأجابه الأب العالم أن سنـابك خيل أصحــاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم وطــأت كل شبر في
مصر، فما مدوا يداً إليها أو اعتدوا على تلك الآثار التي تركها الأولون.
وأكد العوا أن المسلمين يحـاولون استباق الخيرات بحماية التراث الثقافي والتصدي للدعاوى الجاهلة التي لا تنبئ عن علم
أو فهم وتدعو لهدم الآثار.
وناشد العوا الإعلام للاهتمام بالآثار، وكذلك ناشد وزارة الآثار الحفــاظ على التــراث المادي، ليشعر المــواطن المصري
بالهوية المتراكمة، ويتعمق لديه الإحساس بأن آثار مصر هي آثاره، وأحجارها تخصه.
من جانبه عرض د.سامي عنقاوي الخبير الأثري السعودي للاعتداءات على الآثار في مكة والمدينة، وأن أي جهود مبذولة
للدفــاع عن الآثار في السعودية تقابلها فتــاوى بأن الحفــاظ على الآثار تساهم في أن يقع العــامة في الشرك، وهي فتـاوى
لا أساس لها من الصحة.
واكد الدكتور محمد الكحلاوي أمين عام اتحاد الآثاريين العرب أنه في الوقت الذي تعظم فيه إسرائيل من حفرياتها الأثرية
في ضوء ما يسمى بعلم الآثار التوراتي، والإنجيلي، ندعو نحن لهدم آثارنا الثقافية والتــراثية، بل وأكثر من ذلك فالآثــار
أصبحت مرتع للتدمير والتخريب، وهدم الوعي بقيمتها.
محيط 2013/1/31