عناصر الموضوع :
1-العمارة الإسلامية
2-أنواع العمائر الإسلامية :
المساجد
المدارس
الأربطة
الأسبلة
البيمارستانات (المستشفيات)
3- طرز العمارة الإسلامية: الطراز الأموي ، الطراز العباسي ، الطراز الفاطمي ، الطراز المغربي الأندلسي
الطراز الأيوبي ، الطراز المملوكي ، الطراز السلجوقي ، الطراز الإيراني المغولي
الطراز الهندي ، الطراز العثماني
العمارة الاسلامية من أهم المجالات التي تفوّق فيها المسلمون. وقد شيّد المعماريون المسلمون أنواعًا عديدة من العمائر، وخلّفوا لنا كثيرًا من الأبنية الدينية
والعلمية كالمساجد والمدارس والكتاتيب والزوايا، ومن العمائر المدنية كالقصور والبيوت والخانات والوكالات والحمامات والبيمارستانات
(المستشفيات) والأسبلة والقناطر، ومن العمائر العسكرية كالقلاع والحصون والأسوار والأبواب والأربطة. وكان لكل نوع منها تصميمه
الخاص به والملائم لوظيفته، كما اختلف طراز كل نوع وفقًا لإقليم إنشائه.
وقد استمدت الأصول المعمارية الإسلامية مقوماتها الأولى من العقيدة الإسلامية إلى جانب إفادتها من التقاليد الفنية القديمة التي كانت سائدة
حينذاك في الفنون العربية والساسانية والهيلينستية والبيزنطية، غير أنها ظلت تحتفظ بالروح العربية الإسلامية، وابتكرت لنفسها عناصر
معمارية وفنية خاصة لها كالمآذن والعقود الحذوية والعقود المفصَّصة والمقرنصات بأنواعها، وغيرها الكثير.
أنواع العمائر الإسلامية
المساجد تُعد المساجد من أهم المباني التي تمتاز بها العمارة الإسلامية. وكان تخطيط المساجد الأولى بسيطًا؛ يتكون من مساحة مربعة محاطة
بسور، وبها ظلة سقفها يتركز على عُمُد مصنوعة، أو مأخوذة من جذوع النخل أو من عُمُد منقولة من عمائر قديمة. ومن أهم أمثلة تلك المساجد
مسجد الرسول ³ في المدينة المنورة ومسجد الكوفة (14هـ، 635م) ومسجد البصرة (17هـ، 638م) ومسجد عمرو بن العاص في الفسطاط
(20هـ، 640م) ومسجد القيروان في تونس (50هـ، 670م). ولم تلبث المساجد أن أصبح لها نظام معماري واضح يتكون من صحن
أوسط تحيط به أربع ظلات (أروقة) أكبرها ظلة القبلة التي تشتمل على المحراب والمنبر. ومن أمثلة هذا النوع مسجد الرسول ³ في العصر
الأموي، ومسجد المنصور في بغداد (154هـ، 770م) والمساجد العباسية في العراق ومصر .
المدارس
ظهرت المدارس في أواخر القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي، على يد السلاجقة، وكان الغرض منها نشر المذاهب السُنِّية.
والتخطيط المعماري لتلك المدارس يتكون من صحن وأربعة إيوانات أكبرها إيوان القبْلة، وكان كل إيوان يُخصَّص لتدريس مذهب من المذاهب
أو أكثر. وغالبًا ما يلحق بتلك المدارس مبنى لسكن الطلاب وسبيل للشرب وحوض لسقاية الدواب وميضأة (موضع للوضوء) وغيرها من
الملاحق. ومن أشهر المدارس الإسلامية: المدارس النظامية في نيسابور والعراق والمدرسة المستنصرية في بغداد والمدرسة الصالحية في
مصر ومدرسة قايتباي في الحجاز والمدرسة البوعنانية في المغرب والمدرسة الأشرفية في اليمن وغيرها الكثير.
الأربطة
من المنشآت التي كانت تجمع بين الوظيفة الدينية والعسكرية حيث كان يقيم فيها المحاربون استعدادًا للجهاد أو للتعبد. ومن أشهر أمثلتها في
العمارة الإسلامية رباط المنستير في تونس الذي شيده هرثمة في سنة 180هـ، 796م، ورباط سوسة في تونس أيضًا الذي شيده زيادة الله
بن إبراهيم بن الأغلب سنة 206هـ، ورباط الأغوات في المدينة المنورة الذي شُيِّد في عام 706هـ، 1306م.
الأسبلة
من المنشآت المائية التي وصلت منها نماذج جميلة وطرز عديدة وبخاصة من العصر المملوكي والعثماني. وكانت هذه الأسبلة تُستخدم لسقاية
المارة في الطرق العامة. ومن أقدم هذه الأسبلة في العالم الإسلامي سبيل الناصر محمد بن قلاوون بالقاهرة، وكان يُلحق بأعلى السبيل مكتب
لتعليم الأيتام.
البيمارستانات (المستشفيات)
اعتنى الإسلام بصحة الأبدان، وحث على الاستشفاء ومعالجة الأمراض. وكان من أثر ذلك اهتمام السلاطين ببناء البيمارستانات وتوفير ما
يُحتاج إليه من أطباء وأدوية وأدوات طبية. ومن أشهر البيمارستانات في العالم الإسلامي بيمارستان السلطان قلاوون بالقاهرة، وبيمارستان
النوري في دمشق، والبيمارستان الموحدي بمراكش.
طرز العمارة الإسلامية
الطراز الأموي
من الثابت أن الفن العربي الإسلامي نما في ظل الدولة الأموية في بلاد الشام. وقد اقتبس الفن الأموي مقوماته الأولى وخصائصه
الفنية من البيئة التي ولد فيها إلى جانب بعض التأثيرات التي شكلت في مجموعها السمات الفنية للطراز الأموي.
وقد ازدهر الفن الأموي في القرنين الأول والثاني بعد الهجرة، وكان طرازًا فخمًا انتشر في جميع الأقطار الإسلامية بما فيها الأندلس.
وقد ساعد على انتشار الفن الأموي على هذا النحو انتقال الخلافة من الحجاز إلى بلاد الشام حيث عاش الخلفاء الأمويون.
أما الطراز الفني في العمارة الأموية، فقد استقى أصوله الأولى من المدارس الفنية التي كانت منتشرة ومزدهرة في بلاد الشام قبل
العصر الإسلامي كالفنون الهيلينستية والنصرانية الشرقية، إلى جانب بعض التأثيرات الفنية الساسانية بحكم الجوار.
ومن الجدير بالذكر أن الأساليب الفنية في العصر الأموي بلغت غاية تطورها، وذلك بفضل النظام الذي اتبعه الخلفاء الأمويون، المتمثل في التزام أقاليم العالم الإسلامي بتقديم الصناع والفنانين ومواد الصناعة أو البناء إلى مركز الخلافة من أجل القيام بالأعمال المعمارية والفنية الضخمة. وهذا النظام كان له فضل كبير في جعل الخلفاء الأمويين يقومون ببناء وتجديد أعظم العمائر الدينية في ذلك الوقت، من بينها بناء المسجد الأموي والمسجد الأقصى والمسجد النبوي الشريف وقبة الصخرة وجامع الكوفة وجامع البصرة وجامع الزيتونة وجامع سيدي عقبة بالقيروان.
وإلى الأمويين كذلك، يرجع الفضل في إدخال معظم العناصر المعمارية الجديدة إلى عمائرهم الدينية سواء التي شيدوها أو التي قاموا بتجديدها.
ومن هذه العناصر: المئذنة التي أُدخلت لأول مرة إلى المساجد في جامع الكوفة والفسطاط ودمشق، كذلك يرجع إليهم الفضل في إدخال
المقصورة التي كانت تؤمِّن الخليفة في صلاته حيث كانت تجعله في معزل عن صفوف المصلين، وكذلك أدخلوا المحراب المجوَّف في المساجد والقباب وغيرها من العناصر المعمارية.
وإلى جانب حركة بناء المساجد التي مثلت العمائر الدينية في الطراز الأموي، أبدع الأمويون كذلك في بناء القصور والحمامات والاستراحات
والدور، وهي تمثل الجانب المدني في العمائر الأموية. ومن أعظم ما تبقى من تلك العمائر مجموعة القصور الصحراوية التي شيدها الأمويون
خارج المدن في البادية بالأردن وسوريا وفلسطين، وتمتاز تلك القصور بسمات عامة من البيئة التي شُيِّدت فيها.
تنبثق معظم القصور الواقعة في بادية شرق الأردن، مثل قصر عَمْرة وقصر الحلاّبات وحمام الصَّرح وقصر المَشْتَى وقصر الطوبة، من نمط معماري واحد تقريبًا؛ إذ جاءت عمائر تلك القصور على هيئة الحصون الصغيرة، حيث كان يحيط بها أسوار مرتفعة مدعَّمة بأبراج ولها
مدخل واحد مزود بحجرات أو أبراج للمراقبة. أما من الداخل، فكان يتوسط تلك القصور صحون مكشوفة تحيط بها من الجوانب ملاحق
ووحدات معمارية بعضها سكني وبعضها الآخر يضم القاعات والمجالس والحمَّام، إلى جانب ملاحق الخدمات. كذلك تمتاز عمائر تلك القصور باستخدام مواد بناء مختلفة منها الحجر المنحوت، والحجر الغشيم، والآجر، والجص.
أما من يث العناصر المعمارية المتشابهة في عمائر تلك القصور، فإننا نجد العقود نصف الدائرية والعقود المتجاورة، والأعتاب، والقباب،
والعقود المعمارية الطولية والعقود المعمارية المتقاطعة، والأعمدة والتيجان الكورنثية المستوحاة من العمائر الكلاسيكية.
ومن حيث العناصر الزخرفية المتشابهة أيضًا في تلك القصور، نجد الفسيفساء وقد استُخدمت بكثرة في الموضوعات الفنية وكذلك الفريسكو
(التصوير الجصي). وقد غلب على الموضوعات الفنية الطابع الساساني وبخاصة في النقوش والتماثيل. كذلك عُثر على مجموعة من القصور الأموية في سوريا؛ منها قصر الحير الغربي وقصر الحير الشرقي، وقصر هشام في الرصافة. أما في شرقي فلسطين، فيوجد قصر هشام (خربة المفجر) قرب أريحا وقصر الوليد في خرْبة المنية، عند طبرية.
وفي الحقيقة، فإن كافة تلك القصور تعبِّر عمارتها وكذلك زخارفها عن الاستفادة الكبيرة التي حصل عليها العرب من فنون الأقطار التي
فتحوها، وهي، في نفس الوقت، شاهد على عظمة فن العمارة الأموية المدنية في تلك الفترة.
ومن أبدع العمائر الأموية في بلاد الشام قبة الصخرة في بيت المقدس التي شيدها في عام 72هـ، 691م الخليفة عبدالملك بن مروان، وهي
بناء شُيد من الحجر مُثمَّن التخطيط بداخله مُثمَّن آخر أصغر حجمًا. ويتوسط الصخرة المشرفة من الداخل كرسي القبة التي ترتكز بدورها على عقود محمولة على أكتاف وأعمدة من الرخام.
الطراز العباسي تميز طراز العمائر العباسية في أقطار العالم الإسلامي، بخصائص فنية متعددة كان من ورائها انتقال الخلافة من الشام إلى العراق، وما ترتَّب على ذلك من ظهور تأثيرات بيئية وفنية جديدة كانت منتشرة في العراق إبان انتقال مركز الخلافة إليها. من تلك التأثيرات الفنون الفارسية وفنون بلاد الرافدين التي كانت شائعة بمنطقة دجلة والفرات، كما ظهرت ملامح التأثير القديم في العمائر العباسية من خلال استخدام المعمار العباسي اللَّبِن والآجر في بناء منشآته المعمارية، كذلك انتشر في الطراز العباسي استخدام الجص في تكسية واجهات المباني.
أما أهم العناصر المعمارية التي كانت شائعة في الطراز المعماري العباسي، فنجدها في الأكتاف والدعائم التي استخدمها المعمار العباسي بكثرة في عمائره عوضًا عن الأعمدة. كذلك شاع استخدام التغطيات المقببة والمعقودة إلى جانب استخدام السقوف المستوية المحمولة على الأكتاف والدعامات المستطيلة. كما شاع في الطراز العباسي استخدام الأواوين والأبواب المعقودة والأسوار الضخمة المدعمة بأبراج، والعقود المتنوعة الأشكال منها المدبَّب والمنكسر المعروف بالفارسي والعقد المفصص، إلى جانب استخدام المحاريب المسطحة والمجوفة.
كما تميزت المآذن العباسية بأشكالها المخروطية وانفصالها عن كتلة المسجد والصعود إليها بسلم يلتف حول بنائها من الخارج على شكل
حلزوني. وقد وصف المستشرقون هذا الطراز من المآذن بأنه مقتبس من المعابد القديمة في العراق والمعروفة باسم الزقورات. ومن أشهر
مآذن المساجد العباسية مئذنة جامع سامراء وجامع أبي دُلف بالعراق ومئذنة جامع أحمد بن طولون بمصر. وقد اشتهرت تلك المآذن في الآثار الإسلامية باسم الملوية.
أما العناصر الزخرفية التي شاع استخدامها في طراز العمائر العباسية، فنجدها في الأكسية الجصية التي نُفذت بطريقة القالب على كافة
واجهات العمائر العباسية من الداخل والخارج، وكذلك على إطارات العقود وفتحات النوافذ والمداخل والمحاريب. وكذلك اتسمت العمائر العباسية من مساجد وقصور بضخامتها وكبر مساحاتها وسعة أفنيتها. ومن أهم ما خلفه لنا الطراز العباسي من عمارة المساجد ما نجده في المسجد الجامع بسامراء وجامع أبي دلف بالعراق وجامع ابن طولون بمصر وجامع نايين في إيران. وتلك المساجد تمتاز بعناصر معمارية وزخرفية متشابهة من حيث مادة البناء الآجرية وكذلك استخدام الدعائم والأكتاف بدلاً من الأعمدة. كما أُحيطت تلك المساجد من الخارج من ثلاث جهات عدا جهة القِبْلة بزيادة تُعد بمثابة حرم للمسجد.
أما العمائر المدنية في الطراز العباسي، فقد كشفت عنها أعمال التنقيب التي أجريت في المدن العربية الإسلامية بالعراق. وقد ساعدت تلك
الكشوف على التعرف بصورة جلية على تخطيط تلك المدن. ومن أشهر العمائر المدنية في العصر العباسي مدينة بغداد التي أسّسها الخليفة
أبوجعفر المنصور في عام 147هـ. وقد خُططت على هيئة دائرية الشكل، واستُخدم في بنائها اللَّبِن والآجر. وكان للمدينة سوران خارجيان
بينهما مساحة فضاء مكشوفة عرفت بالفصيل. وكان للمدينة أربعة أبواب رئيسية محورية هي باب الكوفة وباب البصرة وباب خراسان وباب
الشام. وبحق كانت مدينة بغداد تحفة معمارية تشهد على عظمة المعمار الإسلامي في تلك الفترة.
ومن المدن العباسية التي حظيت بشهرة واسعة في الحضارة الإسلامية مدينة سامراء التي شيدها الخليفة المعتصم في عام 221هـ، 835م،
بعد أن ضاقت مدينة بغداد بجنوده. ومن أشهر قصور سامراء قصر الجوسق الخاقاني، وقصر العاشق إلى جانب كثرة البساتين والبحيرات
والميادين، كما اشتهرت سامراء بشوارعها الفسيحة وخططها المنتظمة.
وقد تجلّت عناصر العمارة العباسية في قصور تلك المدن من حيث القباب المرتفعة والبوابات الضخمة والأواوين الواسعة، والحدائق المسّورة.
كما وصلت إلينا من العمائر المدنية في الطراز العباسي مجموعة قليلة من القصور التي تعود تواريخ إنشائها إلى تلك الفترة. ومن أشهر تلك
القصور قصر الأُخيضر الذي يقع جنوب مدينة كربلاء بالعراق. وقصر بلكوارا الذي شُيّد في عهد الخليفة المتوكل جنوب مدينة سامراء.
ومن أشهر ما يميز عمائر الطراز العباسي بناء الأضرحة، إذ يعود أقدم ضريح في العمارة العباسية إلى عهد الخليفة العباسي المستنصر، وهو الضريح المعروف بقبة الصليبية التي تقع على الضفة الغربية لنهر دجلة. وهي بناء مثمن التخطيط يتألف من مثمن خارجي داخله بناء مثمَّن الشكل ضلعه أصغر من طول ضلع المثمن الخارجي. وهذا التخطيط يؤكد مرة أخرى على استمرار التأثيرات المعمارية الأموية في طراز العمائر العباسية.