طقوس الزواج التقليدي بولاية قالمة قبل التطرق إلى الحديث عن مراسم وطقوس الزواج التقليدي في هذه المنطقة يجدر بنا أن ننبه إلى نقطة جد هامة والتي إلتمسناها أثناء عملنا هذا و الذي قمنا به في عدة مناطق مختلفة في معظم أرجاء الولاية المعروفة بمكانتها الجغرافية وتنوع عاداتها لكثرة العروش بها: (عرش بني فوغال، وعرش الدوارة، عرش المياضة وعرش الزراولة .......الخ)
وطقوس العرس التقليدي تختلف من عرش إلى أخر في بعض النقاط لكننا ركزنا على أوجه التشابه بين كل الأعراش في معظم مراحله :
منها مرحلة التفاهم ومرحلة التحضير لموكب الزفاف وكيفية تجهيز القافلة و المراسيم التي كانت (ومازالت) متداولة.
مرحلة التفاهـمكانت عملية التفاهم أو " المفاهمة " في تلك الفترة بالتقاء ولي أمر العروس مع ولي العريس في مقهى شعبي أو في الرحبة " الطحطاحة " حيث يطلب منه أب العريس أو ولي أمره يد إبنته " جيناك بالنسب والحسب نطلبوا بنتك فلانة ... لولدنا فلان ..." ليرد عليه ولي العروس: لقد قبلت.
وذلك بحضور شاهدين أو أكثر مع حضور أحد الشيوخ المؤهلين دينياً والذي يدعى ب" الطالب" وهو شيخ يدرٌس القرآن الكريم للأطفال الصغار في اللوح، وفي حالة التفاهم بين الطرفين أي ولي أمر العريس والعروسة تقرأ الفاتحة من الطالب.
مع التذكير كانت الفاتحة تقرأ في المقهى أو الرحبة أو في دار العروسة و نادراً ما تقرأ في المساجد أو الجامع سابقاً نظراً للظروف الاستعمارية.
مرحلة التحضير لموكب الزفاف وبهذا انتقلنا من مرحلة التفاهم والتراضي والقبول إلى مرحلة التحضير لموكب الزفاف ويرسل أهل العريس" الرقوص " وهن وفد من النساء كبيرات السن إلى أهل العروسة لتحضير الكسكسي باللحم في دار العروسة.
صندوق اللباس : وهو عبارة عن صندوق من خشب مليء بالألبسة والأقمشة تأخذه ن*** من أهل العريس كهدية للعروسة.
أما بالنسبة لأنواع الحلي فهي عديدة وجد متميزة و تتمثل في القطينة و الشاشية :التي توضع فوق رأس العروسة وهي من الفضة-
الجبين: توضع أو تربط على جبهة العروسة وهي من الفضة-
لخلخال : هو أيضاً حلي تتزين به العروس في كعبيها أو الكاحل ويأخذ شكل ثعبان ذو رأسين- ملتف فوق كعبيها ( من الفضة )
المسايس : هم أيضاً من الحلي تضعهم في يديها (من الفضة -
محزمة السلطاني : تتزين به على فستانها وتكون وضعيته فوق الخصر (من الفضة.-
ملاحظـة : أغلب حلي تلك الفترة صنعت من الفضة.
الحايك المنسوج : وهو يشبه البرنوس منسوج عادة بالصوف تلبسه العروسة أثناء تصديرها -إلى بيت زوجها .
المسند المنسوج: وهو عبارة عن وسادة طويلة منسوجة بالصوف عادة ويكون طولها مترين تقريباً وعرضها من 20 إلى 30 سنتمتر.
الخلخال : هو أيضاً حلي تتزين به العروس في كعبيها أو الكاحل ويأخذ شكل ثعبان ذو رأسين- ملتف فوق كعبيها ( من الفضة )
وكانت تزين العروسة بـ: الكحل والسواك و الوشام .
والمسلوت ( المناقش ) الحلق تضعهم العروسة في أذنيها وهم من فضة وشكلهم شكل ورقة شجرة البرتقال .
وفي المساء يأتون الدفاعة وهم: مجموعة من الرجال والنساء من أهل العريس يتوجهون لبيت العروسة فوق البغال والخيل تركض وترقص و يغنون غناءً طويلاً وعند اقترابهم يرمونهم بالحجر (لا يكون ضاراً بل رمزي) وفي وقت العشاء يحضر أهل العروسة وجبة جد تقليدية المتمثلة في الكسكسي باللحم " للدفاعة ".
أما بالنسبة للعروسة فتلبس كل اللباس الذي أحضرته " الرقصات " ويلبسونها البرنوس مع الذكر أن البرنوس للرجال يأخذونها إلى البيت المتواجد فيه العراضة وهم أهل العريس من النساء حيث لا يوجد إختلاط فينزع لها البرنوس ويبدل ب الحايك ويلبسون لها محرمة الشامي حمراء اللون (هي قطعة من القماش مزينة بريش الطيور و أصلها من الشام) .
الحنـــــــــة:تضع الحنة في يدي العروس ورجليها مصحوبة ببعض الأذكار والمدائح الدينية
الصـلاة على النـبي الصـلاة على النبـي
محمد وعلي الصـلاة المصليا والنجوم العليا
بحياتـك يا لعـريس أو بحيـاة رجالنــا
هذا الذكر يقولونه في الحنة والعروسة في بيت أهلها. وفي الصباح يفطرون على أكلة شعبية المعروفة بالطمينة التي تصنع من دقيق ، زيت ، ملح ، ماء و زبدة.
يوم الزفافبعد الفطور يستعدون لركوب قافلة موكب الزفاف حيث تكون البغلة أو الفرس التي تحمل العروسة تتميز بطابع تقليدي خاص مع العلم أن البغلة أو الفرس التي تركبها العروس يجهزها أهل العريس في بيته فيضعون فوقها شبه خيمة مشدودة بإحكام والتي تدعى بـ " الكفال ".
كيفية تحضير وتجهيز الكفال : يربطون حزمتين من التبن بإحكام فوق ظهر البغلة ويفرشون فوقها بساطاً أو زربية صغيرة وهذا من أجل خلق أرضية مسطحة فوق ظهر البغلة.
كيفية إنطلاق الموكب والقافلة: حيث يجتمع حشد من أهل العريس والعروسة ويختارون رجلين من أهل العريس يتضاربان والذي يفوز على الآخر هو الذي يحمل العروسة ويضعها فوق الكفال.
ولا تحرر بغلة العروس إلا بعد تسليم لأخيها مبلغ رمزي الذي يمسك باللجام ما يدعونه " بالصريمة " فيحررها وتنطلق القافلة إلى بيت العريس في جو بهيج.
وعند وصول القافلة إلى بيت العريس يحضرون لهم العشاء " كسكسي " أو طعام من اللحم :ويهتفون بأشعار
شرع البيت آ أم العريس الفرح جاك
يا لالا شرعيها وبرعيها كحلة العيون
جـات ليهـا.
وهذا في الليلة الأولى التي تصل فيها العروسة إلى بيت العريس و لا ننسى أن العريس يحجب في تلك الليلة، وهذا ما يسمى بالليلة الحجبة .
أما في الليلة الثانية " ليلة الدخلة " حيث يضعون الحنة للعريس يكون لها طابع خاص وميزات خاصة، حيث كان العريس يرفع يده بمستوى أعلى من صدره بقليل وتتلاحم أصابعه مع أصابع أصحابه فلا تعرف أصابعه من أصابع أصحابه فتأتي أم العريس عادة لتفتش على إصبع العريس وإذا لم تجده يسهلون عليها المهمة، وبعدها تحني للعريس إصبعه الأيسر " السبابة " وتلبسه خاتم من فضة.
وبعدها يرقص العريس مع أصحابه رقصة " الردسة " وهي رقصة معروفة في المنطقة، أي يضربون بأرجلهم الأرض وبعدها ينتقلون إلى مرحلة " السطر " وهو اصطفاف أصحاب العريس في خطين متوازيين من مكان الحنة إلى الغرفة التي توجد بها عروسه ويجري العريس في وسط ذلك " السطر " ليدخل إلى عروسه.
مع العلم أن هذه الغرفة هي التي يدخل فيها العريس على عروسه وهي مزينة بزرابي معلقة على جدرانها ومربوطة بإحكام من كل الجهات. وبعد ها يخرج العريس من تلك الغرفة في نفس الليلة. حيث يجري وراءه أصحابه وعند الإمساك به يهتفون له ويرفعونه بطريقة مزاحية.
أما في صبيحة العرس تحضر لهم أي لجميع الضيوف أكلة شعبية و المعروفة " بالغرايف وهي تحضر بالدقيق والملح والماء والزيت أو الزبدة ".