نشأة وتطور الصيانة والترميم ليس من السهـل تتبع المـراحل التـاريخية التي تكشف عن نشأة عمليات ترميم وصيانة الآثار وتميط اللثام عن تطـور
هذه العمليــات وتلك الفنون بكـل دقة وذلك لعـدم وجـود وثــائق كــافية يمكن الاستنــاد إليهــا لتوضيــح هـذه الحقــائق.
ولكن يمكن القول استنادا إلى مضمون مصطلح Restoration الذي يعني إصلاح وعلاج ما قد تلف من الأشياء
المادية التي لها قيمة نفعية أو جمالية أو تراثية بالنسبة للإنسان،
فإن عمليات ترميم وإصلاح ما قد تلف من المبـاني والمقتنيـات المختلفة قد عرفها الإنسـان القديـم منذ أن عرف حيـاة
الاستقــرار واتخذ له مسكنـا سواء شيده من جذوع النخيـل أو الأشجـار وقام بتسقيفه بسعف النخيل والنباتـات الجـافة
المختلفة وغطى سطحه الخــارجي في بعض المــراحل التـاريخية بطبقــات من الطين لسد الفراغـات التي قد توجد بين
جذوع الأشجار والنخيـل، كما توصل الإنسـان بعد ذلك إلى تشييـد منـزل أكثـر قوة وصـلابة من هـذا المنـزل البسيط
حيث قام بتشييده بالطوب اللبن المخلوط بالتبن المقرط.
وعندما كانت تتعرض هذه المنازل للانهيـار بفعل الـزلازل أو الأمطـار أو العـواصف الرعدية أو الحـرائق وغيرهـا
من العـوامل الطبيعيـة المختلفـة كـان الإنســـان القديـم يعيـد بنـاء هـذه المنـازل أو إصـلاح مـا قـد تلـف من أجـزائهــا.
وهكــذا يمكن اعتبـار هذه العمليـات البدائيـة البدايــات الأولى لنشأة ترميم المنشآت المختلفة وإصلاح ما قد تلف منها.
ومع إنشــاء المعــاهد الأكــاديمية المتخصصة في تدريـس علم صيــانة وتـرميـم الآثــار وغيـره من العلـوم المسـاعدة
وانتشــار مــراكز صيــانة الآثــار في كثيــر من بلدان العــالم المتقدمة مع مطلع القـرن العشرين التي تهتم بالمحافظة
على الآثار وحمايتها من تأثير عوامل التلف المختلفة أكدت أهمية علم صيـانة الآثار ودوره الفعـال في حمـاية الآثـار
القائمة منها خارج المتاحف أو المحفوظة داخل قاعات العرض بالمتاحف المختلفة.
وأصبحت الدراســات العلميــة والتجــارب الميـدانية التطبيقية التي يقوم بهـا خبــراء صيــانة الآثــار في شتى مراكـز
ومعاهد صيانة الآثار الدولية هي المعين الذي يطور علم صيانة الآثـار ويمده بالحيويــة ويؤكد شخصيته بين العلـوم
الإنسانية والتجريبية الأخرى.