وأخيراً صوتت منظمة الأمم المتحدة للتربيــة والثقافة والعلوم «اليونسكو» في بــاريس
على طلب عضوية فلسطين الكاملة في المنظمة، وقررت الجمعية العامة للمنظمة الدولية
منح فلسطيــن العضويــة الكاملة، وقد حصل الطلب الفلسطيــني على تأييد 107 دولــة،
ومعــارضة 14 دولــة، وامتنــاع 52 دولــة عن التصـويــت، ومن الـدول التي وقفــت
في طريق عضوية فلسطين وعارضت التصويت بشدة هي: الولايات المتحدة الأميركية
وألمانيا والسويد! بينما وقفت فرنسا مع الطلب الفلسطيني وأيدته بقوة، رغم المحاولات
الأميركية والضغط عليها لثنيها عن التصويت لصالح القرار،
وما يلفت الأنظــار هنا: عملية التصويت التي تمت من دول لأوروبا الغربية لصالح
عضوية فلسطيــن، حيــث ضجــت القاعة الدولية بالتصفيــق الحار بعد كل كلمة « نعم »
لفظتها تلك الدول المــؤيدة،
وهي اللحظة التاريخية التي كان الفلسطينيــون ينتظرونها، ويسعــون لتحقيقها منذ أن
تقدم الرئيس محمود عباس بطلب الحصول على عضوية كاملة من الأمم المتحـدة في 23
سبتمبر المــاضي،
هذا ويشــارك في دورة اليونسكــو التي تأسست عام 1945م وفود من الدول الأعضـاء،
وكذلك يحضرها مراقبون من الدول غير الأعضاء، والمنظمــات الدولية الحكومية وغير
الحكوميــة، وتتألف اليوم من 193 دولــة ذات ثقل دولي، يعملون على ايجــاد الشــروط
الملائمــة لإطــلاق حوار بين الحضــارات والثقافات والشعوب على أســاس احتــرام القيم
المشتركة،
ومن خــلال هذا الحــوار يمكن للدول الأعضــاء أن يتوصلوا الى وضع رؤى شاملة
لمختلف القضــايــا، وأهمها قضايا حقوق الإنســان، والتخفيــف من حدة الفقر، والاحتــرام
المتبــادل.وفي هذا الصدد حــاولت بعض الــدول الأعضــاء الحليفــة مع الولايـات المتحدة،
تقديــم كــل العــروض المغـريــة لتأجيــل عملية التصــويت إلا أن الضغــوط الأميركيــة
والإسرائيليــة قد باءت بالفشل الذريع،
لذا حذر المبعــوث الأممي لعمليــة الســلام في الشــرق الأوسط روبرت ســري من
تبعــات قبـول فلسطيــن عضــواً في منظمــة الثقــافة التــابعة للأمم المتحــدة، عقب تهديد
أميـركي بـوقف تمويل الولايـات المتحدة لـ «منظمة التحريــر» التـابعة لحركـة « فتح »
في حــال قبـول فلسطيــن عضــواً فيها، ولكن توقع الأميــن العــام للأمم المتحدة بان كي
مون من جميــع الأطراف أن تتصرف بمسؤولية عقلانية في ظل هذه الظروف السياسية
حتى لا يتحول التصويــت في مجلس اليونسكو المنعقد في باريس الى حادث قطار يتبعه
كارثة مع التبعات الخطيرة كافة بالنسبة لليونسكــو ...
وفي بادرة غير ايجــابية قام الكــونغرس الأميركي بسن قانون في العــام 1990
يقضي بوقف تمويل أي منظمة تابعة للأمم المتحدة توافق على قبــول «منظمة التحريــر
لفلسطيــنية» عضواً فيهـا، وهي بمثابة خطوة لممــارسة الضغوط الدوليــة على الرئيس
الفلسطينــي محمود عبــاس لسحب طلب الضــم الى اليونسكـــو وحــل الأزمــة بعيداً عن
التصويت!
فالجميــع يعلم أن قبول فلسطيــن عضواً في اليــونسكو يعني ممــارسة المزيد من
الضغوط الدوليــة على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وبالتــالي سيتحــول هــذا
الى ضغوط أميــركية - إسرائيليــة مماثلة للسلطة الفلسطيـنيـة عن طريق خطوات عقابية
من بينهــا: وقف تحويــل أمــوال الضرائب والجمارك الفلسطينية الى السلطــة ، فضــلاً
عن زيادة نسبة الاستيطـان وتغليظ الحصار المفروض على القطــاع،
والسؤال هنا: لماذا يتوجب على الحكومة الإسرائيلية قطع علاقتها مع السلطة الفلسطينيـة
بمجرد الحصول على الاعتراف الدولي بفلسطيــن عضواً كاملاً في اليــونسكو، وكيف لنا
أن نتصوّر مستقبل عملية السلام بين الجانبين: الفلسطيني - الإسرائيلي في ظل الاحتقان
السيــاسي بينهما، وهل قبــول طلب العضوية لفلسطيــن في منظمة اليــونسكو هي جريمة
في حقها؟