تعريف وتقييم المباني الأثرية وذات القيمة

تعريف وتقييم المباني الأثرية وذات القيمة



إن تعريــف وتصنيـف الأبنية الأثريــة وذات القيمة لتحديــد سياســات التعــامل معها هو أول الخطط العامة لسياســات المحــافظة
على التراث المعماري.
والتصنيف الحالي للأبنية الأثرية والذي يتم على أساس عصر بناء الأثر (إسلامي –فرعوني – يوناني – روماني – مسيحي)
غير دقيق ولا يحدد القيمة الفعلية للأثـر وبالتالي يتسـاوى العديد من الأبنية الهـامة تاريخيـا وأثريـا مع أبنية أخرى صنفت كآثــار
لمرور مائة عـام على إنشائهـا ولا بد من وضع تصنيف دقيق للأبنيـة الأثريـة طبقا لقيمتهـا الحقيقية وليس تاريخ إنشائهـا وطبقا
لجميع دول العـالم التي تمتلك الأبنية الأثريـة يستدعى وجود تصنيف لهـا ولضمـان ملائمة الأسلـوب المتبع في التعـامل مع الأثـر
لقيمته الفنية والتاريخية.

بعض المفاهيم الخاصة بالأبنية الأثرية وذات القيمة:

تعريف الأثر: هو عبارة عن كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان، وكانت
له قيمة أو أهمية أثريـة أو تـاريخية باعتبـاره مظهـرا من مظـاهر الحضـارات المختلفة، وتشمل الآثـار رفات السلالات البشرية
والكائنات المعاصرة لها، كما يعتبر أي عقـار أو منقول ذو قيمة تـاريخية أو علمية أو دينية أو أدبية متى كـانت للدولة مصلحة
قومية في حفظه وصيانته دون التقيد بالحد الزمني السابق.

تعريف التراث: إن المـادة لا تصبح تراثـا مـا لم تكن اكتسبت قيمة نوعية، تنعتهـا بالتـراث وهي بالأسـاس علاقة بين الإنسان
والمادة، أي تلك القيمة التي يمنحها المجتمع ذاته.

• تعريف التراث المعماري: هو مجموعـة المنشـآت التي أثبتت قيمتهــا وأصالتهـا في مـواجهة قوى التغييـر فصـارت مرجعــا
بصريا على تعامل الإنسان مع البيئة، وبذلك يصير التــراث المعمــاري هو أحد ركــائز الطابع المعماري والهوية للمجتمعــات.

• تعريف القيمة: إن القيمة بالمفهــوم العــام (أخلاقية – اجتماعية – دينية)، هي تعبير عن الوجود الإنســاني في الوقت الذي
تكون فيه حكمًا يصدره الإنسان.

• تعريف المنشآت ذات القيمة: هي المنشــآت التــاريخية التـراثية المعروفة بقيمتهـا المعمـارية أو المنشـآت التي تروي تـاريخ
المدينة نتيجة ارتباطها بأحداث أو أشخاص أو أنشطة تميز أماكن أو طرزا وحتى حقبات بذاتها.
• مفهوم الحفاظ والتحكم في العمران: هو تلك العمليات التخطيطية العقـلانية الـواعية والمستمرة الارتقـائية المتكاملة والموجهة
إلى منـاطق تركيز المبـاني ذات القيمة الأثريـة في عمـران المـدن القــائمة بهدف المحــافظة عليهــا وعلى الطــابع المميــز لهــا.

تقييم المنشات الأثرية وتحديد أولوية الحفاظ:
الغرض من عملية التقييــم هو تحديــد أولويــات الحفــاظ وأسلــوب التعــامل الأمثــل طبقــا لتصنيــف الأثـر ودرجـة أهميتــه..
ويعتبر مبدأ التقييم من المبادئ الأساسية للوصول بسياسات التعامل مع الأبنية إلى الواقعيـة المطلـوبة للتطبيق وضمـان تحقيق
النجاح، وخاصة في البلاد التي تعاني من الأزمات الاقتصادية،

حيث قلة الموارد التي تساعد على احتواء عمليات الحفاظ والصيانة للكم الهـائل من المبـاني ذات القيمة....ويشارك الأثريـون
بتحديد وتوضيح قيمة الأبنية سواء على مستوى المدينة أو على المستوى القومي، وكذلك على مستـوى المبنى الأثـري بتحديد
الأجزاء ذات القيمة وتصنيفاتها في درجات طبقا لقيمتها الفعلية.

وكثيرا ما يحدث صدام بين الأثريين والمعماريين، فالأثري يريد الحفاظ على كل شئ بدون تغيير، مما يتعـارض مع تحقيق
الوظائف المطلوبة ويؤدي إلى الركود لمناطق هامة ومحببة إلى قلوب الناس.
والتصنيف الدقيق للأبنية الأثرية وتحديد درجاتها يســاعد على الحفـاظ على الأبنيـة الهـامة وعدم تشتيت مصـادر الإنفاق في
أعمال غير هامة أو غير ذات قيمة.

ويمكن تقييم الأبنية بأربعة قيم رئيسية هي
1. قيمة تاريخية.2. قيمة قومية.3. قيمة عمرانية.4. قيمة معمارية.



-1 القيمة التاريخية للأبنية:
وتتمثل في الأبنية القديمة من العصور الماضية،وتعتبر كسجل لمجتمع ما، والقيمة العامة لهذه الأبنية تزداد بزيادة قدم المبنى
ومدى تعبير المبنى عن عصره وأصالة مواد المبنى وما طرأ عليها من تغيرات.

ولا تتأثر هذه القيمة بحالة الأثر فقد يكون المبنى مكمــلا أو بقايــا حجرية يتم الحصول عليهــا من عمليــات الحفر والتنقيب،
وقد تكون هذه البقايا الحجرية ذات قيمة تاريخية لا تعوض.
ويمكن قياس القيمة التاريخية للأبنية باستخدام مؤشرين أساسيين:
أولا: المؤشر الزمني : ويعبر عنه تاريخ إنشاء الأثر أو المبنى ،وكلما كان تاريخ الأثر أو عمر الأثر كبيرا كلما زاد هذا
المؤشر وكلما أصبح الأثر ذا قيمة أكبر.
ثانيا : المؤشر الرمزي : ويتأثر هذا المؤشر بعدد من المؤثرات أهمها :
• مدى تعبيــر المبنى الأثــرى عن عصره وتاريخه.
• قيـاس الندرة للأبنية كلما كـان نــادرا زادت قيمته.
• قوة وتأثير الحدث المرتبط بالأثر وأهميتها العلمية.
• مدى أصالة المواد الموجودة في المبنى الأثري وعدم وجود إضافات أو تغيرات لاحقة.
• أهمية الفتــرة التــاريخية التي ينتمي إليهــا الأثــر.
وجميع المؤشرات السابقة يمكن قياسها بدقة وزيادتها تؤدي إلى زيادة وارتفاع القيمة الرمزية للمبنى.
كذلك فإن التعامل مع هذه النوعية من الأبنية يتطلب دقة متناهية ودراسات مستفيضة قبل تقرير السياسة الملائمة، ويلاحظ
أن الإضافة لهذه النوعية من الأبنية يمثل خطورة شديدة على القيمة الفعلية للمبنى، وكذلك فإن إعادة البناء لا بد أن تكــون
باستخدام مواد المبنى القديمـة فقط وبدون أي إضافـات إلا في الضرورة القصـوى، ويجب التمييـز بين الأصلي والمضـاف
لهذه النوعية من الأبنية .

تعتبر القيمة الوظيفيـة تدعيمـا للقيم التـاريخية والفنية للأبنية الأثريـة وذات القيمة، والقيمة الوظيفية للأبنية من القيـم القـابلة
للتنميــة بإعــادة الاستخــدام لهذه الأبنيــة بحيث لا تتعــارض الوظيفة أو تؤثر على طــابع المبنى كوثيقــة تــاريخية وفنية.
وطبقا للمواثيق الدولية للترميم وصيــانة الأبنية الأثريــة، فيمنع استخدام الأبنية الأثريــة استخدامـا يتعــارض مع حقيقتهــا
التاريخية أو الفنية، ولا بد أن تتوافق القيمة العملية للأبنية مع قيمتها التاريخية والفنية .
كذلك فإن القيمة الإنشائية والتي غالبا ما تكـون بنيت لغرض مؤقت أو دائـم، وتمثل قيمتهـا فيما تحويه من إنشـاء مـادي.

-2 القيمة القومية:
ويمكن تقسيم هذه النوعية من الأبنية إلى:

أ- المباني المرتبطة بالأحداث الهامة: وهي أبنيـة ترتبط بحدث مـا أثـر في المجتمـع سواء على المحيط العمـراني للمبنى
أو على المستوى القومي، وهذه النوعية من الأبنية تزداد قيمتها بزيادة قيمة الحدث المرتبطة به.
وتقل القيود المفروضة على التعامل مع هذه النوعية من الأبنية عن المستوى الموجـود بالأبنيـة التـاريخية، ويتم الحفـاظ
عليها بالمحافظة على الأجزاء المرتبطة بالحدث بالدرجة الأولى.

ب- مباني تعبر عن سلطة هامة ( وظيفة هامة ):
وهي أبنية تكتسب قيمتها وأهميتها من وظيفتها أو وجود سلطة ما تشريعية أو تنفيذية أو قضائية تشغل المبنى والقيمة
الرمزية لهذه الأبنية مرتفعة وهي القيمة الأساسية لهذه النوعية من الأبنية.

ت- مباني لها علاقة بشخصيات هامة:
وهذه النوعية من الأبنيـة ترتبط بالشخصيـات العـامة في المجتمع سواء الموجود حاليــا ولا زالـت تشغـل هذه الأبنية،
أو التي كــانت تعيش في فتــرات ســابقة، وتزداد قيمـة هذه المبــاني بزيــادة أهميــة الشخصيــة التي كــانت تشغلهــا.
إن الحفــاظ على هذه الأبنيــة يتمثل في الحفــاظ على نمط وأسلــوب الحيــاة المرتبطــة بهذه الشخصية وأهم أعمالهــا.

: -3 القيمة العمرانية
تتمثل القيمة العمرانية للمبنى الأثرية كونـه أحد المبـاني التي تؤلف فيما بينها نسيجـا عمرانيـا تاريخيـا مميزا بتنـاسق
كتله وارتفاعـاته وألـوانه مع مـا حــوله، ومـا يضمه هــذا النسيـج من ممـرات وفراغـات ذات طـابع تـاريخي خـاص،
وقد لا يضم المبنى أي من القيم التي تم ذكرها سابقا إلا أنه يمثل قيمة عمرانية ببقائه ضمن النسيج التاريخي لتناسق
ارتفاعاته وكتله مع ما حوله.

ويمكن تقسيم هذه النوعية من الأبنية إلى عدة أنواع:
أ- المباني ذات الطابع المحلي :
والتي تمثل السمات المحلية للمنطقة في فن المعمـار المحلي باستخـدام المواد المحلية في أعمـال البناء، وقد تمثل هذه
النوعية من الأبنية أهمية على المستوى القومي.

ب- الأبنية المميزة بصريا:
وهي الأبنية المثيرة للانتباه والمتميزة في الـلون أو الحجم والتشكيل المعمـاري، والتي يمكن تميزهـا بوضوح داخـل
المدينة، ويمكن من خلالها تكوين الصورة البصرية للمدينة بسهولة ويسر،حيث أن إزالة هذه الأبنية يؤدي إلى انهيار
التشكيل العمراني، وتعتبر هذه النوعية من الأبنية هـامة على مستوى المحيط العمـراني، كذلك فإن الحفاظ عليهـا يتم
بالحفاظ على التشكيل الخارجي مع إمكانية تغيير الداخل طبقا للاحتياجات الوظيفية .

ت- أبنية هامة في تشكيل الطابع العام:
وهذه الأبنية تكون مع ما حولها من أبنية طابعا عمرانيا مميزا لمنطقة ما،وتكون متناسقة من حيث الألوان والتشكيل
وخط السماء ، وعند التعامل مع هذه النوعية من الأبنية لا بد من الحفاظ على الواجهة الخارجية، وفي حـالة إعــادة
البناء لا بد أن يكون متناسقا مع نفس الطراز القديم للواجهة .

-4 القيمة المعمارية:
وتشمل القيمة الجمالية والوظيفية والإنشائية للمبنى، حيث تعبر القيمة الجمالية للمبنى الأثري بكونه عملا فنيا جماليا
وهي تمثل الجانب الانفعـالي للمبنى الأثـري أو الأبنية ذات القيمة الفنيــة، كالأبنية التي تقــام بغرض جمــالي بحت،
كالنصب التذكارية أو مداخل المدن والأبنية التذكـارية، والقيمة الفنية والجمـالية للأبنيـة من المحددات الرئيسية لقيمة
المبنى كأحد الأبنية الجديرة بالحفاظ عليها إلا أنه من الصعب قياسها أو تحديدها.

أما القيمة الوظيفية فهي ما تتميز به الأبنية المعمـارية عن الفنـون الأخرى، وجميع الآثـار المبنية شيدت لأغراض
ووظائف خاصة، وتعتبر حالات مثالية إذا كانت تستخدم حتى اليــوم في نفس الوظيفـة الأصلية كالجـامع والكنيسة
اللذان ما زالا يستخدمان حتى اليوم في ممارسة شعائر العبادة.

ويمكن قياس القيمة العملية للأبنية الأثرية بمدى الأهمية الوظيفية التي يؤديها المبنى، وتعتبر هذه القيمة أقل للأبنية
الغير مستخدمة والتي لا تصلح للاستخـدام كالأسـوار التي كـانت تستخـدم حول المـدن والقصـور، وأصبحت حاليـا
غير ذات قيمة وظيفية،ويمكن تقييمها عمليا بمدى وظيفتها في التشكيل العمراني للمدينة أو استخدامها كمزار ناجح.




عبدالوهاب، م.أحمد- رسالة ماجستير بعنوان "صيانة وإعادة استخدام المباني الأثرية وذات القيمة"- كلية الهندسة،
جامعة القاهرة .1990

محاضرات الدكتور عبدالشكور على عرب- المحاضر بكلية الهندسة بجامعة الأزهر، القاهرة.

سيبقى هذا المنتدى احلى منتدى لمتعلمي الاثار متلنا

بارك الله فيك

نحن في انتظار مشاركاتك ومواضيعك المميزة

شكراااااااااااااا