عـمـال مـا قـبـل التـشـغـيـل: طـاقـة استـراتـيـجـيـة مـع وقــف التـنـفـيــذ! يشكّل عمال ما قبل التشغيـل في الجزائر طاقة استــراتيجية مع وقف التنفيذ, في ظلّ عدم استفادة المحسوبين على هذه الشريحة
من أدوات فعّالة ترقى برصيد ملايين الشباب الواعد, وفي هــذا الملــف الذي أنجزته "السـلام", يطـالب أصحـاب عقود مـا قبل
التشغيل بتدخل رئيس الجمهورية لحسم معضلتهم, كمــا تهدد اللجنة الوطنيــة لعقــود مــا قبـل التشغيــل بتنظيــم احتجـــاج وطني
من شأنه إيصال صوت الشباب العاملين بهذه الصيغة لأعلى هيئة في البلاد .
وبحسب ممارسين متعاملين ومراقبين, لا يزال تقنين سيــاسة التشغيــل في الجــزائر موصوفــا بالهــش, ويشـدد المعنيــون على
أنّه لا يرقى للتطلعات الحقيقية, ويتهم عمال ما قبل التشغيل وزارة الطيب لوح بتعاطي "ثقــافة العجز" عن إيجــاد حلول فعــالة
لمشكل البطالة, وهو ما يبرزه واقع هذه الشريحة المهنية. وجــاءت صيغة العمــل عن طريــق عقـود مــا قبل التشغيــل بغيــة
مساعدة الشباب البطال من خريجي الجامعات, المعاهد ومراكز التكويـن المهني ليبقى الهــدف هو تكوين كوادر فعــالة قــادرة
على استخلاف المتقاعدين, وهو مــا أكــده المرســوم الرئـاسي رقم 234ـ 96 المــؤرخ في 02 /07 / 1996 والمتضمن
دعم تشغيــل الشبــاب. وبعد سلسلة احتجــاجات نتجت عن رفض المؤسسات تجديد العقــود بعـد نهــاية السنة الأولى من العمــل,
تقرّر تجديد عقود ما قبل التشغيل بصفة تلقائية في كل المؤسسات, حيث جاء في مرسوم رئاسي أنّ جميع عمال جهاز الإدماج
المهني وحملة الشهادات العاملين في المؤسسات والإدارات العمومية سيستفيدون من تجديد عقودهم بصفة تلقائية بعد انتهاء السنة
الأولى أو الثانية من العمل.
أرقام تبعث على التفاؤل ولكن ..بلغ عدد العمال في إطار عقود ما قبل التشغيل مـا يفوق 600 ألـف عــامل, وتشير آخــر الإحصائيــات إلى أنّ وزارة الشغــل
والضمان الاجتماعي تسعى لإدماج 400 ألف طالب شغل من خلال مخطط حدد في آفاق 2013, كما تعمل على توفير ثلاثة
ملايين منصب شغل في آفاق 2014, وهو ما جاء في مخطط عمل الحكومة.
وكانت مصالح لوح أنشأت مليون و249 ألف منصب شغل في خانة الاقتصاد خلال جوان الماضي, كما تم تنصيب في إطـار
عقود ما قبل التشغيل مليون و94 ألف منصب شغل, في وقت تضع فيه الوزارة شروطا لاستقدام يد عاملة أجنبية بعدما زادت
عليها الطلبات من قبل بعض القطاعات. ومن أجل تشجيع المؤسسات على توظيف الشباب في إطار عقود ما قبل التشغيل,كانت
الدولة منحت امتيازات للمؤسسات التي تعمد إلى تشغيل طالبي الشغل لأول مرة, بحيث سعــت الـوزارة الوصية إلى تنظيـم ذلك
بتحديد ما نسبته 15 بالمـائة على مستوى كــل مؤسسة. لكن ورغــم تلك السيــاسة الــرامية إلى توفير منـاصب شغل والقضـاء
على البطالة يبرز الواقع جملة من المشاكل والعراقيل التي يتخبط فيها عمال عقود ما قبل التشغيل,وأهمها تسريحهم من مناصبهم
بعد انقضاء مدة العقد الأول رغم أنهم يشغلون مناصب في قطاعات حيوية على غرار التربية, الصحة والبلديات.
عشوائية المعاييرأولى الإشكاليات المطروحة, تنطلق من المعايير التي تتكئ عليها وكالات دعم تشغيل الشبـاب في إدمــاج هـؤلاء ضمن منـاصب
معينة, حيث يلاحظ توظيف أشخاص من أصحاب شهادات لا تتناسب مع المناصب المعروضة وهو ما يؤكد عشوائية التوظيف.
أما الشباب فيقولون أنهم مغلوب على أمرهم وبالكاد يستطيعون الاستفادة من العمل في إطار عقود مــا قبل التشغيــل بغض النظر
عن التخصص, حيث نلاحظ شباب من خريجي معاهد تكنولوجية وعلمية لا تتجاوز مهامهم العمل في مكاتب استقبال أو الجلوس
خلف شبابيك الحالة المدنية بمختلف البلديات.
تجاهل كبير من لدن المسؤولينيشدد عمال عقود ما قبل التشغيل على أنهم يعاملون بطرق سيئة من لدن الهيئات المستخدمة, ويلفت كثير منهم إلى أنهم أصبحوا
محل ابتزاز واستغلال من لدن أرباب العمل, الذين يهددونهم بفسخ العقـود لأتفه الأسبــاب, ويستظهر هــؤلاء لفـزّاعـاتهم لمجــرد
مطالبة هؤلاء العمال بحقوقهم. من خلال حديثنا مع عمال ما قبل التشغيل, وقفنا على وضعية تنم عن سياسة تشغيل هشـة رغم
الأرقام التي تقدمها وزارة العمل, فمن أهم العراقيل التي يطرحها عمال عقود ما قبل التشغيـل مــا تعلق بالمنــاصب المقدمــة كل
سنة من قبل الإدارات العمومية, حيث يقولون أنه "لا حق لهم فيها". كما تمحورت مشاكلهم بصورة عامة في تعسف الإدارات
والمؤسسات التي يعملون فيها فيما سماه البعض "بالحقرة" المسلطة عليهم من قبل عمال كان من المفروض أن يكونوا مؤطريـن
ومعلمين لهم كل في مجال اختصاصه. هذا وقال بعض العمال في مؤسسات خاصة أنهم يتعرضــون لخصم في رواتــهم لمجــرد
مناقشات تحتدم بينهم وبين أرباب العمل, كما أوعز بعض الشباب أن تعامل المسؤولين معهم حطم حماسهم, بل ومنهم من كشف
أنه بات يفكر ألف مرة قبل أن يتعاقد مع أحد أرباب العمل,وهناك من يقولون أنهم يعملون في ضغط كبير ولا يشعرون بالحرية
بسبب تسلط بعض الموظفين القدامى, ولا أحد يجرأ على المطالبة بـأبسط حقوقه كــالحق في العطلــة السنوية خوفــا على منصبه.
ومن هنا يبدو أن الشباب وعوض أن يكونوا طاقة بشرية متجددة من شأنها استخلاف الكوادر التي ينتظر أن تحال على التقـاعد,
أصبحوا محل استغلال فاحش قد تختلف أشكاله من مؤسسة إلى أخرى ومن هيئة إلى أخرى.
الإدماج لأصحاب "المعريفة"أشار بعض الشباب العاملين بصيغة عقود ما قبل التشغيل أن بعض العمال رسّموا في مناصب عملهم بطريقة بيـروقراطية تعتمد
على المحسوبية وليس بناء على معايير مهنية محددة. ورغم الوعود التي يتلقها هؤلاء الشباب بخصوص تسويـة وضعيتهـم وأنه
سيتم إدماج شباب عقود ما قبل التشغيل, إلا أنها بقيت مجرد كلام كما أكده المعنيون, في وقت يتم فيها تنظيم مسابقـات الوظيف
العمومي لتعيين في المناصب المتوفرة, ليبقى السؤال المطروح حول مصير عمـال عقود ما قبل التشغيل: أين المفرّ, ومـا طبيعة
الأفق القادم؟. العمل في إطار عقود ما قبل التشغيل يحدد فترة العمل, ولكن الكثيـر من العمــال يشتغلــون بحجم ساعي كموظفيـن
رسميين بأجور يقولون أنها تبقى زهيدة وقلما نجد من المؤسسات من تأخذ المبادرة وتزيد للعامل بعض المال على الراتب المحدد
بـ10 إلى 15 ألف دينار, لتبقى مسألة الأجور مطروحة بحدة ابتداء من أنها لا تصب في الأرصدة إلا بعد ستة أشهر وأحيانـا
أكثر. والأمر لا يقتصر على الشباب محدودي التكوين, وإنما يشمل حتى الطلبة الجامعيين وحتى حملــة شهــادات ما بعد التدرج.
يجمع الكل أن هناك غياب لإرادة جادة لتسوية وضعيتهم لاسيما مع الإدارات والمؤسسات المستقبلة التي صارت المستفيـد الأول
من هذه الطاقات البشريــة, في حين تبقى تلك العقــود الحل الوحيد لأولئك الشباب من أجل تجنب عالم البطــالة, وفرصة سـانحة
لاكتساب الخبرة المهنية وهو السبب الذي حمل بعض الشباب إلى الاصطبــار على وضعيتهم رغم أنهم غير مقتنعيــن بوضعيتهم
المهنية, خاصة وأن عدم توفر حوافز العمل يجعل العامل الشاب لا يبذل مـا بوسعه, لأنه يعتبر نفسه غريـب عن المؤسسة التي
يتواجد فيها انطلاقا من تصريحات البعض.
تنديد ووعيدتحاول اللجنة الوطنية لعقود ما قبل التشغيــل أن تجمع هؤلاء الشبــاب وتوحد صفوفهم من أجل ايصــال انشغــالاتهم لهيئة عليــا
لاسيما ما تعلق بمطالبهم في مناصب عمل ثابتة, وقد سبق للجنة المذكورة أن هددت بتنظيـم احتجاجــات واسعة قــالت أنه سيتم
القيام بها أمام هيئة رسمية لم تحدد. وسبق للجنة المذكورة أن نظمت عدد من الاعتصامات في عديد الولايات حضرهـا -حسـب
مراجع مطلّعة- عدد معتبر ممن استجابوا لنــداء اللجنــة الوطنيــة, وحسب مصــادرنا, فــإنّ اللجنة المذكــورة دعت إلى وقفـــات
احتجاجية متكررة من أجل تحويل السواكن إلى متحركات, والتنديد بما تمارسه بما سمته تعسف وزارة العمـل التي يشــاع أنهـا
تتجاهل مطالب اللجنة,لا سيما حق الإدماج في المنصب الذي يشغله العامل لمدة ثلاث سنوات كاملة. هــذا وكــان عمــال عقــود
ما قبل التشغيل,سبق لهم تنظيم اعتصامات في عدد من الولايات منها ما كان في مارس الفارط أمام البريد المركزي بالعاصمة,
بعدما طوقوا من قبل مصالح الأمن منعا لوصولهم إلى الرئاسة,حيث طالبوا بتدخــل رئيس الجمهوريــة وإصــدار تعليمـة فورية
تقضي بإدماجهم في مناصب دائمة, كما اتهموا وزارة التشغيل بالتلاعب وإصدار وعود زائفة.يذكر أن التنسيقية قدمت عريضة
للوزارة الوصية طالبوا فيها بضرورة إدماج العمال بعد انتهاء مـدة المحددة للعقد,عــوض إحــالتهم على البطــالة. وتبقى وزارة
العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي ملزمة بحل مشاكل هؤلاء وفتح قنوات الحوار مع اللجنة الوطنية لعقود مــا قبـل التشغيـل
قبل انفجار الوضع أمام إصرار هؤلاء على التصعيد. من خلال التنسيق بين الهيئـات المستقبلة من وزارة التشغيــل والضمــان
الاجتماعي, الوظيف العمومي والهيئات المسؤولة عن الموارد البشرية على مستوى تلك المؤسسات.
جريدة السلام