عندما تكذّب أرقام تومي تصريحات خليدة!تسعين ألف زائر لثماني متاحف وطنية في عشر سنوات عندما سأل الرئيس بوتفليقة، الوزيرة خليدة تومي على هامش افتتاح معرض الجزائر للكتاب عن حقيقة الربورتاج الذي أنجزته قناة
”فرانس 24” عن متحف الفن الحديث، قالت تومي، إن الصحفي الذي أنجز العمل لا يعرف شيئا عن المتاحف في الجزائر وتحصنت
خليدة خلف الأرقام لتخبر الرئيس بالحجة والدليل أن متحف الفن الحديث يستقبل، حسبها، أكثر من 500 زائر يوميا. غير أن حجة
تومي تكذبها أرقام الوزارة نفسها حول زيارة المتاحف في الجزائر.
أكدت الأرقام الواردة من وزارة الثقافة والمنشورة على موقع ”الجزائر الثقافية” المتخصص في الشؤون الثقــافية، أن عـدد زوار المتـاحف
في الجزائر بقي يراوح مكانه منذ 1991 إلى غاية 2009، فرغم أن ميزانية وزارة الثقافة قد تضاعفت أربع مـرات خــلال عشريــة
كاملة ورغم البحبوحة المالية التي عرفتها وزارة الثقافة، ورغم التظاهرات العربية والدوليــة التي أشرفت عليهــا طيلة عشريـة كاملة من
سنة الجزائر في فرنسا إلى عاصمة الثقافة الإسلامية مرورا بعاصمة الثقافة العربية والمهرجـان الثقافي الإفريــقي بالجــزائر، إلا أن عـدد زوار المتاحف الجزائرية حسب الأرقام المنشورة في موقع ”الجزائر الثقافية” لم يتعد التسعين ألف زائر ”90229” في ثماني متــاحف
في الفترة الممتدة ما بين 1991 و2001. الأرقام المنشورة مست ثماني أرقام في جهات الوطن الأربع ويتعلق الأمر بمتحف البــاردو، متحف الفنون الجميلة، متحف الآثار القديمة، متحف الفنون والعادات الشعبية، متحف سيرتا، متحف سطيف، متحف زبانة، ومتحف نصــر الدين ديني”.
عشر سنوات بعد ذلك ورغم تضاعف ميزانية وزارة الثقافة بعشر مرات لوزارة الثقافة في سنة 2011، تم تخصيـص غـلاف مالي قدر
بـ 452 مليون دولار لكن بقي عدد الوزارة للمتحف الثمانية عبر الوطن يراوح مكانه.
حجة تومي تفضحها أرقام الوزارة نفسها، لأنه إذا سلمنا جدلا بصحة الرقم الذي قدمته تـومي للرئيس وافترضنــا أن متحـف الفن الحديــث
فعلا يستقطب 500 زائر يوميا، وهذا خلال خمسة أيام في الأسبوع باستثناء أيام العطل؛ فإن متحف الماما وحده، استقطـب 180 ألف زائر سنويا و900 ألف زائر خلال خمس سنوات وهذا غير ممكن بحسابات المنطق لأن الأرقام المبينة في الجدول تقول إن 8 متــاحف وطنية لم تسجل عشر هذا الرقم في 18 سنة.
في 2008 مثلا، المتاحف الثمانية التي مسحها الإحصاء سجلت 94205 زائر وقد استفادت تلك المتاحف من دعـم مــالي قدر بـ 7.6 مليون دولار في نفس السنة، والرقم المسجل في عدد زوار المتاحف الثمانية يبقى بعيدا كل البعد عن الرقم الذي قدمته تومي أمـام بوتفليقة والمقدرة بـ 500 زائر يوميا، وبهذا يكون التقييم الذي قدمته وزيرة القطاع ”للسياسية المتحفية في الجزائر” يفتقر إلى المنطـق استنــادا
إلى الأرقام المستقاة من إدارة القطاع الذي تشرف عليه هي شخصيا.
كما تؤكد الأرقام أن المواطن يبقى خارج الإستراتيجية التي ترسمهـا الــوزارة من النــاحية الثقــافية هذا إذا كــانت لهــا فعـلا إستراتيجيـة.
وتبقى الأرقام الدولية المقدمة في هذا الإطار بعيدة جدا عن الحالة الجزائرية، حيث تقر أرقام المنظمــات الدوليــة أن القــاعدة العــالمية في
المتاحف العمومية تسجل 1.5 مليون دولار لكل 100.000 زائر. ورغم البرامج التي تدعى وزارة الثقـافة أنهــا خصصتهــا لإعــادة
بعث ”ثقافة المتاحف” عبر الوطن لكن تبقى تلك الثقافة غائبة في الشارع الجزائري. وحسب التحليلات التي قدمت لأرقام المنشــورة فإن الوزارة مدعوة لإيجاد إستراتيجية ومقاربة جوارية لاستعادة جمهور المتاحف.
جريدة الفجر
2012.12.31