الاحتفال برأس السنة الميلادية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنـا الأميــن، وعلى آله وأصحابه الطــاهرين، وبعد؛ فــــإن بعض المسلميــن
يحتفلون أو يحتفون بما يسمى بيوم رأس السنــة، أو "عيد الكرسمــاس"، ولا ريب أن هــذا مخالف للشرع المحكـم؛ فإن الديــن
الإسلامي كامل وتام في جميع تشريعاته، ومن جميـع نواحيه، قال الله تعالى: {اليــوم أكملت لكم دينكــم وأتممت عليكــم نعمتي
ورضيت لكم الإسلام دينا}.
ومن تمام الدين وكماله أنه اهتم بالسعادة على مستوى الأفراد والمجتمعات، وجعل لهم مواسم يفرحون بها بالطاعات، والتقـرب
إلى رب البريات.
ومما شرع من الاحتفال والفرح والاحتفاء والتوسعة ما يكون في العيدين: الفطر، والأضحى، وهما يتكـرران في السنــة مــرة،
وكل يوم في الأسبوع مرة وهو يوم الجمعة، وفي حديث: "أَنَسٍ رضي الله تعــالى عنه قَــالَ: "قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا؛ فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَــا فِي الْجَــاهِلِيَّةِ؛ فَقَالَ رَسُــولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ" [رواه أبو داود]
ولم يشرع الإسلام الاحتفال ولا الاحتفاء بأي مناسبة أخرى ولو كانت من المناسبــات التي أسبابهــا شرعية، فلم يحتفــل النبي
الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا بليلة الإسراء، ولا بالهجرة، ولا بنصـرة بدر، ولا بفتــح مكة، مع أن هذه مناسبــات
دينية فلما لم يفعلـوا دل على أن السنة عدم الفعــل، وأن الاحتفاء بما لم يحتفلــوا به بدعة، كمــا قــال عليــه الصــلاة والســلام:
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو بدعة" [متفق عليه].
فإذا كان لا يشرع للمسلمين أن يحتفلــوا أو يحتفــوا بهذه المناسبــات التي لهــا ذكر في شريعتنــا؛ فــإن الاحتفــال أو الاحتفــاء
بالمناسبات التي وردت على الأمة من الكفار من باب أولى أن تكون محرمة، وأنها لا تجوز.
فالاحتفال بما يسمى بعيد "الكرسماس" أو عيد رأس السنة، أو غيرها من الأعياد التي أخذت تقليداً أعمى من الكفـار، كأعيــاد
الميلاد، وعيد الأم، وعيد الأسرة، وعيد الحب، وعيد الاستقلال؛ كل ذلك داخل في البدع المحدثة في دين الله، قال الله تعـالى
{أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}
والاحتفال برأس السنة وغيرها محرم بلا ريب من وجوه عدة، ومنها:
أ- أنها غير مشروعة لنا؛ والدين مبناه على الشرع.
ب- أن فيها مشابهة للكفار؛ فهم يحتفلون بعيد ميلاد إلههم، أو ابن إلههم -تعالى الله عما يقولون علــوا كبيــرا- فكيـف لنـا أن
نتبعهم في ذلك!؟
ج- أن فيها تقليداً وتبعية للكفار، والمسلم يكون متميزاً بدينه، وبفرحه وسروره.
د- أنه يحصل في مثل هذه الاحتفالات كثير من المنكرات؛ كالحفلات الراقصة، والأغاني الماجنة، والاختلاطــات المشبــوهة.
هـ- أن هذا الاحتفال كان منهم معهوداً في عهد أسلافهم وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يهتمــوا به؛ بــل
ولا ذكروه؛ وإنما همشوه؛ فدل أن السنة في ذلك هو تهميش مثل هذه الأعياد وعدم الاهتمام بها، ولا الالتفات إليها.
و- المحتفل بهذه الأعياد على خطر عظيم لأنها ذات دلالات دينية شركية، ودلالات بدعية؛ فينبغي الحذر والتحذير منه.
وقد نص جمعٌ من أهل العلم ممن عاشروا أو عاصروا بعض هذه الاحتفالات قديما وحديثا على بدعية هذه الاحتفالات،
وتحريم المشاركة فيها، ومنهم على سبيل المثال:
1- شيخ الإسلام ابن تيمية.
2- العلامة ابن القيم.
3- المفتي الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم.
4- مفتي الأنام الإمام عبد العزيز بن باز.
5- محدث الديار العلامة محمد ناصر الدين الألباني.
6- العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين.
والله أسأل أن يعز المسلمين، وأن يرفع عنهم التبعية، وأن يعزهم بطاعته، واتباع شرعة نبيه صلى الله عليه وسلم.
المصدر
ملتقى أهل الحديث