هاينريش شليمانHeinrich Schliemann [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]هنريخ شليمان عالم الأثار الألماني هـَينـْريخ شليمان (نويبكوڤ (ألمانيا), 6 يناير, 1822 - نـابولي (إيطاليا), 26 ديسمبر, 1890) باحث عن الآثار ألماني
ومنافح عن واقعية الأمــاكن المذكــورة في أعمــال هوميروس وهو مكتشـف طروادة القديمـة وله إسهامــات عديدة في استكشاف
اليونــان الميسينيــة.
نشـــــــــــأته هنريـــخ شليمـــان ولد في مدينــة مكلنبورگ شڤرين ، والـده كـــان قسيســا رقيق الحــال ، مغرمـا بالتــاريخ القديـم. يقــول عنه
هنريخ شليمان: (أشد ما كــان يحزنني أن أسمع منه أن طـروادة قد دمرت عن آخرهــا تدميــرا تامــا..) غير أنـه ، كمــا جـــاء
في مذكــراته ، تعهد لنفسه وهو في الثــامنة من عمره بــأنه سيهب حيـــاته للكشـــف عنهــا.
حين بلغ الرابعة عشرة ترك المدرسة وعمل صبيـا في متجر صغير في مدينــة فورستمبورج ، وبعـد خمس سنـوات ســافر إلى
هامبورج ليعمل خادما على ظهر باخرة متجهة إلى أمريكـا الجنوبية. وكاد يهلك مع بحارتهـا عندمـا تعرضـت البــاخرة للغــرق،
غير أنهم نجوا بأعجوبة في قارب صغير ظلت الأمواج تتقاذفه لتسع ساعــات إلى أن قذفته على الشاطئ الهولنـدي. هناك عمـل
في مركز تجاري في أمستردام ، ينفق نصف ما يكسبه على شراء الكتب والقـراءة والكتابة وتعلم اللغة الهولندية على يد خطاط.
بعد ذلك سافر شليمان إلى روسيا وفتح وكالة تجارية في سانت بطرسبورج ولقيّ نجاحا باهرا حتى قرر أن يتقدم لخطبة حبيبة
صباه "ميناميكي" في مسقط رأسه وكانت قد بــادلته الغــرام وهي بعد في الرابعـة عشرة من عمرها لكنه علم أنهــا قد تزوجت
قبل ذلك بأيام ، فرحل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وأثناء بقائه في كاليفورنيـا في 4 يوليو 1850 ،أصبحـت كاليفورنيـا
ولاية أمريكية ، فأصبح جميع سكانها مواطنين أمريكيين ومن بينهم هنريخ شليمان. عاد بعد عـامين إلى موسكــو ، فتح وكــالة
تسليم مشتروات الجملة ، تزوج وانقطع ، في وقت فراغه لتعلم اللغة اليونانية القديمة ، قرأ جميع الكتب الكلاسيكية ذات العلاقـة
بحضارة اليونان. ولما قرر التنقيب عن طروادة رفضت زوجته الروسية الذهاب معه فطلقهــا ، وأعلن في الصحـف رغبته في
الزواج بيونانية ووصف بغاية الدقة كل ما يتطلبه في هذه الزوجة ، ثم اختار من بين الصور التي أرسلت إليه واحـدة فتــزوج
صاحبتها وهو في السابعة والأربعين ، وسافرت معه إلى تركيا حيث تل "حسارلك" الذي كــان يعتقد أن طــروادة مدفونـة فيه
وكـــان ذلك عـــام 1870.
البحث عن طراوادةأعلن هنريخ شليمان وهو في الثانية عشرة من عمره أنه سيهب حيـاته للكشف عن المدينة المفقـودة ؛ وفي العــاشرة من عمره
عرض على أبيه قصة لاتينية عن حرب طروادة. وفي عام 1836 غادر المدرسـة بعد أن حصّل فيها علماً أرقى مما تطيقـه
مـــــوارده.
وقد اعتاد في أثناء اشتغاله بالتجارة أن يتعلــم لغة كــل بلد يتجر معه ، وأن يكتـب بهذه اللغة مــا يتصل بأعمــاله في مفكرتــه
اليومية. وبهذه الطريقة تعلم اللغات الإنجليزية ، والفرنسية ، والهولندية ، والأسبـانية ، والبرتغالية ، والإيطالية ، والروسيــة ،
والسويدية ، والبولندية ، والعربية. ثم ذهب إلى بلاد اليونان ودرس فيها لغة الكلام الحية ، وسرعــان ما أصبــح في مقـدوره
أن يقرأ اليونانية القديمة والحديثة بنفس السهولة التي يقرأ بها الألمانية ؛ فلما تم له ذلك أعلن: "إني لا أستطيــع أن أعيش بعد
الآن في غير أرض اليونان القديمة".
ولما أبت زوجته الروسية أن تغادر روسيا أعلن في الصحف رغبته في الزواج بيونانية، ووصف بغاية الدقة كل ما يطلبه في
هذه الزوجة، ثم اختار في السابعة والأربعين من عمره عروساً في التاسعة عشرة من بين الصور الشمسيـة التي أرسلت إليـه.
ولم يكد يرى صاحبة الصورة حتى تزوجها من فوره ، وتزوجها بطريقة الشراء القديمــة دون أن يعني بمعرفـة حقيقة أمرهـا،
وطلب إليه أبواها ثمناً يتناسب مع ما يعرفان من ثرائــه.ولمــا ولدت له زوجتــه طفلين ، لم يرض بــأن يعمدهمــا إلا مكرهــاً،
ولكنه كان في أثناء الاحتفال يضع نسخة من الإلياذة فوق رأسيهما ويقرأ منها مائة بيت بصوت عال. وسمى هــؤلاء الأبنــاء
أندروماك ، وأجممنون. وسمي خادميه تلامون Telamon ، وبلوبس Pelops ، وأطلق على بيته في أثينا اسم بلـروفون Bellerophon. لقد كان شليمان شيخاً افتتن بهومر إلى حد الجنون.
وفي عام 1870 ذهب إلى الأرض المحيطة بطروادة - وهي الطـرف الشمــالي الغربي من آسيــا الصغرى - وأصــر رغــم
جميع العلماء في ذلك الوقت على أن طروادة بريام مدفونة تحت التل المسمى حصار لك. واستطاع بعد مفاوضات دامت عاماً
كاملاً أن يحصل من الحكومة العثمانية على إذن بالحفر في هذا الموقع ، واستأجر ثمانين عـاملاً وبدأ العمــل. وكــانت زوجته ،
التي تحبه لمـا يتصف به من شــذوذ ونــزوات ، تشتــرك معه في كدحــه في الأرض من مطلــع الشمس إلى مغيبهــا. وظلـت
العواصف الثلجية تهب من الشمال طوال الشتاء وتقذف الثرى في وجهيهما ، وكــانت الريــاح تندفع بقوة من ثغرات كوخهمــا
الضعيف فلا يستطيعان أن يحتفظا فيه بمصباح مضيء أثنــاء الليل. "ولم يكــن لدينا ما يدفئنــا إلا تحمسنا لعملنــا العظيــم ألا
وهـــــــو كشـــــــف طــــروادة".
ومر عام دون أن تثمر جهودهما ثمرة ما. ثم أخذت فأس أحد العمــال تكشف ضربة في إثر ضربة عن وعاء نحــاسي كبيــر ،
ولما فتح هذا الوعاء تكشف عن كنز مدهش ثمين مكون من تسعة آلاف تحفة مختلفة من الفضة و الذهب. وكان شليمان ماكراً
فأخفى الكنز في لفاعة زوجته ، وصرف العمــال على غير انتظــار منهم لكي يستريحــوا ، وأسرع إلى كوخه ، وأغلق عليــه
الباب ، وبسط الكنز الثمين أمامه على المنضدة ، ووصــل مــا بين كــل قطعة منه وبين فقــرة في شعر هــومر ، وحلى رأس
زوجته بجوهرة قديمة ، وأرسل إلى أصدقائه في أوربا يبلغهم أنه كشف عن "كنز بريام". لكن أحداً منهم لم يصدقه ، واتهمه
بعض النقاد بأنه وضع بنفسه الأشياء التي كشفها في المكان الذي استخرجها منه ، ورفع الباب العالي في الــوقت نفسه قضية
عليه يتهمه بالاستيلاء على الذهب من أرض تركيا. لكن بعض العلماء أمثال فرشاو Virchow ، و دوربفـلد Dorpfeld
و برنوف Burnouf هرعوا إلى موضع الحفر ، وحققوا أقوال شليمان ، وواصلــوا العمــل معه حتى كشفــوا عن طــروادة
مدفونة بعد طروادة ؛ ولم تبق المشكلة القائمة بعدئذ هل كانت هناك طــروادة أو لــم تكــن ، بــل أصبحــت محصـورة في أي
الطــروادات التسع التي كشفت هي التي تطلق عليهــا الإليــاذة اسم إليوس.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ما يسمى 'قناع أگاممنون', اكتشفه هينريخ شليمان في 1876 في ميسينا. وفي عام 1876 اعتزم شليمان أن يحقق ملحمة هومر من ناحية أخرى - وهي أن يثبت أن أجممنون كان هو أيضاً شخصـاً
حقيقياً. واسترشد في عمله بوصف بوسيناس القديم لبلاد اليونان ، فاحتفر أربعاً وثلاثين فجوة في ميسيني الـواقعة في شـرقي
البلوبونيز. وقطع عليه الموظفون الأتراك عمله بأن طالبوه بنصف الكنوز التي كشفها في طــروادة ؛ ولم يشــأ هو أن يتـرك
"كنز بريام" في تركيا مختفياً عن الأنظار ، فأرسله سراً إلى متحــف الدولــة في برليــن ، وأدى للبــاب العالي خمسة أمثــال
ما طلبه إليه من تعويض ، وواصل أعمال الحفر في ميسيني. وكان النجاح في هذه المرة أيضاً حليفه ، ولما أن أبصر عماله
يحملون إليه هياكل بشرية ، وفخاراً ، وجواهر ، وأقنعــة ذهبيــة ، أبــرق إلى ملك اليونــان يقــول إنه كشف قبــري أتريوس
وأجمنون. وفي عـام 1884 انتقــل إلى تيرينز Tiryns واسترشــد في عمله هنالك أيضاً ببوسنياس ، وكشف عن القصــر
العظيــم وعن الأســوار الضخمة التي وصفهــا هومــر.
النهـــــــايـةلسنا مبالغين إذا قلنا إنه قلما خدم أحد علم الآثار كما خدمه شليمان.لقد كان هذا الرجل متصفاً بعيوب فضائله، ذلك أن حماسته
كانت تدفعه إلى العجلة والتهور في عمله ، فأدى ذلك به إلى إتلاف كثير من الأشياء التي عثر عليها أو خلطها بعضها ببعض
لكي يحقق بسرعة الهدف الذي كان يعمــل لتحقيقــه. يضــاف إلى هذا أن الملحمتين اللتين كانتــا تهديــانه في عمله قد أضلتــاه ،
فحسب أنه كشف عن كنز بريام في طروادة ، وعن قبر أجممنون في ميسيني. وارتاب العلماء في أنحـاء العالــم في تقــاريره
وظلت متاحف إنجلترا ، وروسيا ، وفرنسا زمناً طويلاً لا تصدق أن ما كشفه آثار قديمة بحق. وكان في هذه الأثنــاء يعزي
نفسه بما ناله من مكانة عظمى في عينه هو ، ويواصل الحفر بشجاعة حتى أقعده المرض. وتحير في آخر أيــامه هل يصلي
إلى إله المسيحيين أم إلى زيوس إله اليونان الأقدميـن ؛ وكتــب إلى ابنه يقــول: "إلى أجممنون شليمــان أحب الأبنــاء أرســل
تحياتي ، وإني ليسرني أنك ستدرس بلوتارخ ، وأنك فرغت من زنوفون. وإني لأدعو أبانا زيوس وبلاس أثينــا أن يجزياك
من الصحــة والسعـــادة مــا يعادل جهودك مـــائة مرة".
وتوفي عام 1890 بعد أن أنهكه الكدح في الحر والبرد ، وقاسى ما قاسى من عداوة العلمــاء ، ومن حمى أحلامــه التي لم
تفارقه في يوم من الأيام. لقد كشف شليمان - كما كشف كولمبس - عن عالم أشد غرابــة من العــالم الذي كــان يبحث عنه ،
فلقد كانت هذه الجواهر أقدم بمئات السنين من بريام و هكيبا Hecuba : ولـم تكن تلك القبــور قبور أتريــدا ، بل كــانت
أطلال حضارة إيجا قامت في أرض اليونان الأصلية ، قديمة قدم العصر المينوي في كريت. ولقـد حقق شليمــان ، دون أن
يعرف ، بيت هوراس الذائع الصيت "لقد عــاش قبــل أجممنــون كثيــرون من الرجــال البواســل" . وكلمــا توســع دوريفلد ،
و ملـــــر Muller ، و تســونتــاس Tsountas ، و استمــاتــاكس Stamatakis، و ولــدشتيــن Waldstein ،
و ويس Wace في أعمال الحفر في أرض البلويونيـز ، وواصل غيرهم الحفــر في أتكا وفي جــزائر عوبيه Euboea ،
و بؤوتيا Boeotia ، و فوسيس Phocis ، وفي تساليا ، تكشفت أرض اليونان عن بقايــا ثقــافة قامت فيها في أزمنة
ما قبل التاريخ. وفي هذه الثقافة ارتقى الناس أيضاً من الهمجية إلى الحضارة بانتقالهم من حيــاة الصيــد البدويــة إلى حيــاة
الاستقرار والأعمال الزراعية ، وباستبدال النحاس و البرونز بالحجارة ، وبما يسرته لهم الكتابة والتجارة من وسائل التقدم.
إن الحضارة على الدوام أقدم مما نتصور ، وتحت كل شبر من الأرض نطأه بأقدامنا عظام رجال ونساء عملوا وأحبوا كما
نعمل نحن ونحب، وكتبوا الأغاني وصنعوا الجميل من الأشياء ؛ ولكن أسماءهم وحياتهم نفسها قد ضاعت على مر الزمـان
الذي لا يحفل قط بالرجال والنساء.
المصادرول ديورانت; أرييل ديورانت. قصة الحضارة, ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
انظر أيضاًNumismatic Museum of Athens
Mask of Agamemnon
Priam's Treasure
Troy
المراجعBoorstin, Daniel. The Discoverers, 1983
Durant, Will. The Life of Greece, 1939
Silberman, Neil Asher, Between Past and Present: Archaeology, Ideology, and
Nationalism in the Modern Middle East, Doubleday, New York
, 1990 (Copyright 1989), ISBN 0-385-41610-5
Wood, Michael, In Search of the Trojan War, New American Library,
1987 (Copyright 1985), ISBN 0-452-25960-6
الأعمالLa Chine et le Japon au temps présent. Paris: Librairie centrale 1867.
Ithaka, der Peloponnesus und Troja, 1868
Trojanische Altertümer, 1874
Troja und seine Ruinen, 1875
Mykena, 1878
المصدر
موسوعة المعرفة