تسونامي" أثرية: "جرفُ" حوض المرفأ الفينيقي هي قضية وطن تتقهقر مقدراته على كافة المستويات، من المؤسساتية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية والمواطنية.. وصولاً حتى التراثية والأثرية، مع قرار إزالة "الحوض الجاف للمرفأ الفينيقي" في منطقة ميناء الحصن من لائحة "الجرد العام" وتهديم آثاره، الأمر الذي أكد وزير الثقافة السابق سليم ورده لـ"NOW Lebanon" على كونه "تم قبل نشر القرار الخاص بذلك في الجريدة الرسمية، ما يشكّل سابقة تبعث على القلق الشديد حيال مصير أي موقع أثري في لبنان"، موضحًا أنّ "هذا الحوض قد هُدم مطلع الأسبوع الماضي قبل أن يُنشر القرار الصادر عن وزير الثقافة الحالي غابي ليون بحسب الأصول"، ما دفع بوزراء الثقافة السابقين سليم ورده وتمام سلام وطارق متري إلى عقد مؤتمر صحافي مشترك شجبوا فيه "هذه الجريمة بحق الآثار اللبنانية".
وفي معرض تحذيره من أنّ "سابقة الوزير ليون تجعل أي موقع أثري يكون موضع خلاف، في حالة خطيرة للغاية قد يلقى معها مصير مرفأ ميناء الحصن"، يقول ورده: "أكثر ما يقلقني جراء هذه السابقة هو أنّ ضمّ أي موقع أثري إلى لائحة "الجرد العام" لم يعد يكفي لحمايته، وهو أمر يخالف القوانين"، معربًا في ضوء ذلك عن "الخشية اليوم على كل المواقع التي ضُمّت إلى هذه اللائحة، وفي طليعتها "سباق الخيل الروماني القديم" قرب الكنيس اليهودي في وسط بيروت".
وأكثر ما استغربه ورده في هذه السابقة "السرعة التي صدر بها قرار وزير الثقافة غابي ليون وتهديم مرفأ ميناء الحصن، وهو ما يضرب بعرض الحائط كل الأنظمة والأصول والقوانين المرعية والتي تشكل ضامنًا وحيدًا لحماية كل الآثار على الأراضي اللبنانية"، لافتًا الإنتباه في المقابل إلى أنه "عند وقوع أي خلاف حول أي موقع أثري تتم الاستعانة بخبراء من منظمة الأونسكو لتحدّد الرؤية المطلوبة والحل الأفضل للخروج من الإشكالية القائمة في وضعية مماثلة، فضلاً عن أنّ المديرية العامة للآثار تلجأ إلى تعيين مسؤول من قبلها للكشف على أي موقع والتأكد مما إذا كان يضم آثارًا أو لا"، وأشار ورده إلى أنّ "المسؤول في المديرية هشام الصايغ تبيّن من إمكان وجود حوض فينيقي جاف في هذا الموقع، وهو ما أكد عليه بعد ذلك عدد من الخبراء اللبنانيين والأجانب، بينهم المسؤول عن الحفريات في المديرية أسعد سيف".
وردًا على سؤال، أوضح ورده أنه "تبين لكل هؤلاء الخبراء أنّ هذا الموقع كان مرفأ فينيقيًا يعود إلى حوالى 2500 عام في أقل تقدير، وأنّ أهميته الأثرية تكفي لضمّه إلى لائحة الجرد العام، خصوصًا وأنّ المواقع الأثرية في لبنان لا تضم أي حوض جاف لمرفأ قديم"، وبناءً على ذاك كان ورده قد ضمّ هذا الموقع إلى لائحة الجرد العام أثناء توليه وزارة الثقافة، وقد أعلم خطيًا شركة "فينوس ريل استايت" التي تنوي إقامة ثلاثة أبنية في هذا الموقع بوجود "حلول تؤدي إلى تنفيذ المشروع والحفاظ على هذا الموقع الاثري".
وفي الوقت الراهن يؤكد ورده على "أولوية مطالبة هذه الشركة بإعادة تكوين الآثار التي دُمّرت، بالتزامن مع متابعة هذه القضية بكل الوسائل القانونية، ومن بينها الطعن بقرار وزير الثقافة غابي ليون أمام مجلس شورى الدولة، وذلك إلى جانب التحركات التي سيقوم بها المجتمع المدني والتي كان قد استهلها بتنفيذ اعتصام أمام وزارة الثقافة الخميس الفائت".
تجدر الإشارة إلى أنّ ورده كشف عن أنّ "منظمة الاونسكوكانت أرسلت كتابًا للوزير ليون تعرب فيه عن استعدادها لارسال خبراء بغية الوصول إلى الرؤية الأفضل في مسألة الخلاف حول هذا الموقع، وكذلك أرسلت منظمة "ايكوموس" العالمية كتابًا للوزير ليون تعرب فيه عن استعدادها للأمر نفسه".
مجلة الآثار
2012-07-02