المنظّمة غرفت من خزينة الجزائر مؤخرا 5 ملايين يورو
اليونسكو: "الجزائر عاجزة عن حماية تراثها" [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] تعاني المواقع الأثرية الجزائرية من الإهمال والتدهور المستمر حتى تلك المصنفة عالميا من قبل منظمة اليونسكو, ورغم الميزانيات التي صرفت من أجل إعادة الاعتبار لهذه المعالم والمخططات التي أعدت لإعادة تأهيلها إلا أنها لم تؤت أكلها نتيجة غياب سياسة واضحة للقطاع, رغم أن الدولة خصصت أرقاما مفتوحة لترميم أبرز المعالم التاريخية والأثرية عبر الوطن.
وإن كان من الصعب الحصول على تقارير بشأن المعالم المصنفة وطنيا لعدم توفر المعلومات الكافية بشأنها؛ فإن المواقع المصنفة عالميا تصدر بشأنها اليونسكو تقارير دورية تنشر على موقعها على شبكة الأنترنيت. وتبعا لهذا فان القصبة المصنفة منذ1992 في قائمة التراث العالمي ورغم مخططات الترميم المتكررة التي استفادت منها, آخرها المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ لقصبة الجزائر والذي تقرر بموجبه حماية 105 هكتارات من حي القصبة القديمة لتضاف إلى 32 هكتارا المقررة من قبل. منظمة اليونسكو سبق وأن أصدرت في إطار تصنيفاتها السنوية للمعالم الأثرية المدرجة في إطار التراث العالمي تقريرا بشأن المواقع الجزائرية؛ حيث رقمت القصبة بـ100/46 سنة 2011, وهذا يعني حسب معايير اليونسكو المنشورة على موقع المنظمة العالمية, مرفقة بالرسومات البيانية, تدهور حالة القصبة. حيث أبرز تقرير المنظمة وجود هذا المعلم في وضعية خطيرة جدا؛ إذ جاء في جزء من رسالة اليونسكو"انه واعتمادا على تقارير فحص لجنة اليونسكو لهذا المعلم طيلة 15 سنة الأخيرة, فان المعلم انتقل من وضعية "0" تهديد إلى وضعية "100".
وهذا يعني أن القصبة مهددة بالانهيار تماما. وفي محاولة من وزارة الثقافة لتجاوز هذه الوضعية, خصصت في شهر مارس الفارط ميزانية 60 مليار سنتيم, أي ما يعادل 9 مليار دولار لاستكمال أشغال الترميم. وحسب المعلومات المتوفرة على موقع اليونسكو, فإنه واستنادا إلى تطبيق المعايير الدولية في الترميمات, فإن هذه الميزانية لا تكفي لاستعادة معلم أثري هام بحجم القصبة. فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن قلعة "لونيفيل" بباريس خصص لها 130 مليون دولار لاسترجاعها بعد الكارثة التي تعرضت لها عام 2003.
التقرير نفسه, أصدرته اليونسكو بشأن آثار تيبازة التي حصلت طبقا لتقارير اليونسكو على درجة 100 /73 مما يعني أن المعلم في وضعية جد متدهورة. وبعد سلسلة التقارير التي أصدرتها اليونسكو بشأن المعالم المصنفة عالميا والتي تخضع لمتابعة دائمة ومستمرة من طرف اليونسكو, وكانت تلك التقارير بمثابة تحذيرات بشأن وضعية هذه المواقع, أطلقت وزارة الثقافية برنامجين في 20 نوفمبر 2011 يتضمنان "حماية التراث وإعادة تأهيل المواقع الأثرية لتيبازة لحظيرة الأثرية المحمية المحيطة بتيبازة". واستنادا إلى مرسوم البرنامجين المنشور في الجريدة الرسمية عدد 25 مارس 2012 تشير المادة رقم 3.6 "فإن المنطقة تفتح للجمهور بعد 30 يوما من صدور المرسوم في الجريدة الرسمية", الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات بشأن المدة التي حددتها الوزارة. لأن المعلم مفتوح وبإمكان الجمهور أن يدخل إليه متى أراد؟
بعد التقارير المتكررة التي أصدرتها منظمة اليونسكو بشأن وضعية المعالم الأثرية المصنفة في قائمة التراث العالمي, خاصة موقعي القصبة وتيبازة, أبرزت تقارير المنظمة الدولية ضرورة احترام أجندة التوقيت في جدول الترميمات وكذا احترام المعايير الدولية في عمليات الترميم بعد تسجيل تجاوزات في عمليات الترميم, سواء باستعمال مواد غير مواتية مما يفقد المعلم أصالته أو عدم الالتزام بالآجال المحددة في مختلف عمليات الترميم, وكذا الغموض الذي يكتنف مختلف عمليات الترميم, حيث دق المختصون ناقوس الخطر بشأن التهديد الذي يلاحق قطاعا واسعا من الآثار والتراث الجزائري. وقد دعا الباحث الأثري عبد الرحمان خليفة في ندوة احتضنتها العاصمة الأسبوع الفارط إلى ضرورة الإسراع في تطبيق المخطط الدائم لحماية القصبة, متسائلا عن الغموض الذي يكتنف مختلف جوانب هذا الملف. وتعيش المعالم الأثرية الوطنية أو تلك المصنفة عالميا من طرف اليونسكو وضعية متدهورة, رغم أن الجزائر بلد مانح لليونسكو ومساهم في ميزانية الصندوق؛ حيث قدمت الجزائر صكا بقيمة 5 ملايين يورو كمساهمة منها في صندوق المنظمة العالمية التي كانت في هذا التوقيت تعاني من أزمة مالية ونقص في الموارد, بعد إعلان أمريكا انسحابها من تمويل المنظمة, فصارت الجزائر بذلك بلدا مانحا للمنظمة بقيمة تفوق كلا من تونس وتركيا, رغم عدم وجود أي منصب خاص للجزائر بهذه المنظمة, عكس الدولتين السابقتين "تركيا وتونس". وقد عمدت المديرة الجديدة إيرينا بوكوفا أشهرا قليلة بعد توليها المنصب إلى إزاحة مدير الإدارة السابق الجزائري لمين خان, رغم إعادة انتخاب الجزائر لثالث مرة كعضو في المجلس التنفيذي لليونسكو, وهو الأمر الذي اعتبره البعض مكافأة للجزائر نظير مساهمتها المالية في المنظمة. وقد تكفل سفير الجزائر في باريس ميسوم صبيح في 27 أفريل الماضي بتسليم الصك باسم الجزائر للمنظمة التي رحبت باقتراح الجزائر لاستضافة الدورة الـ37 للجنة التراث العالمي في عام 2013, كما أيدت المنظمة اقتراح الجزائر بإنشاء مركز إقليمي لحماية التراث غير المادي في إفريقيا.
وفي نفس الإطار سحبت الجزائر مرشحها لمنصب هام في اليونسكو "أحمد بجاوي" وقامت بدعم المرشح المصري فاروق حسني بداعي دعم المرشح العربي, في حين اعتبر البعض أن الخطوة هي محاولة لكسب ود المنظمة الدولية. والجدير بالذكر أن الجزائر التي تحولت إلى بلد مانح ومساهم في صندوق اليونسكو لم تنجح منذ 1992 في إدراج أي من معالمها في قائمة التراث العالمي, بحيث تملك الجزائر 6 مواقع فقط مصنفة عالميا في قائمة التراث العالمي مقابل "8" مواقع لتونس التي قدمت أيضا 10 مواقع جديدة في طور الدراسة ومرشحة لتكون في قائمة المصنفات العالمية, ونفس الشيء بالنسبة للمغرب التي تملك حتى الآن 8 مواقع مصنفة مع وجود 12 موقعا في قائمة الدراسة, ورغم الإرث الكبير الذي تزخر به الجزائر في هذا المجال إلا أن غياب سياسة واضحة ومدروسة في مجال حفظ الآثار فإننا وعكس جيراننا المغاربة والتونسيين لا نحسن الدفاع عن ملفاتنا التي تستحق أن تكون في قائمة التراث العالمي.
المصدر :جريدة الفجر
2012.05.06