جامعة اكسفورد تكتشف انهار وبحيرات قديمة بالسعودية
فريق من أكسفورد التقط صورا بالأقمار الصناعية تكشف عن إمكانية العثور على نتائج مناخية مثيرة .. وجيولوجي سعودي يؤيد الدراسة بحقائق علمية جديدة
العثور على شبكة قديمة من الأنهار والبحيرات في صحراء الجزيرة العربية[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]صور من الاقمار الاصطناعية التقطتها جامعة اكسفورد للانهار والبحيرات القديمةكشفت صور التقطت بالأقمار الصناعية عن وجود شبكة من الأنهار القديمة، التي كانت تجري في الماضي عبر رمال الصحراء العربية، ما أدى بالعلماء إلى الاعتقاد بأن هذه المنطقة شهدت فترات أكثر رطوبة في الماضي. وتعد هذه الصور هي نقطة البداية لمشروع أبحاث ضخم ينطوي على إمكانية العثور على نتائج مثيرة، بقيادة فريق بحثي من جامعة أكسفورد في التراث التطوري للبشرية. وسينظر فريق الأبحاث في كيفية تأثير التغيرات المناخية طويلة الأجل على البشر الأوائل والحيوانات، التي كانت تستقر أو تمر عبر تلك المنطقة، وعن طبيعة الاستجابات، التي كانت تحدد ما إذا كانت قادرة على العيش فيها أو الفناء بالتدريج. حتى الآن كان نصيب هذا الجزء من العالم هو التجاهل إلى حد كبير من قبل الباحثين، على الرغم من موقعه الحيوي المهم كجسر يربط بين إفريقيا ويورآسيا. وفي مشروع ممول بقيمة 2.34 مليون يورو من مجلس الأبحاث الأوروبي، وسيقوم فريق من الباحثين في عدة اختصاصات بدراسة آثار التغير البيئي في شبه الجزيرة العربية خلال آخر مليوني عام. وستكون الدراسة المنهجية للعصر البليوسيني والهولوسيني فريدة في طولها وفي مستوى تفاصيلها.
ويوضح التقرير، الذي نشر على موقع جامعة أوكسفورد البريطانية أنه على مدى خمس سنوات سيدرس الباحثون سمات الأرض ويقومون بحفر مواقع يرجح لها أن تكون ذات أهمية أثرية، باستخدام شبكة من مجاري الماء كخريطة يسترشدون بها. وسيستخدمون أحدث الأساليب في تحديد التواريخ من أجل تحديد أعمار مستحاثات الحيوانات والنباتات والتكنولوجيات المختلفة المستخدمة في الأدوات الحجرية، ومقارنة أوجه التشابه والاختلافات المعروضة في الفن الصخري للمنطقة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]احد باحثين الاثار من جامعة اكسفورد يعمل باحد المواقع المكتشفة وسيكون التركيز الرئيسي للفريق على الصحراء العربية، لكن العمل سيشمل كذلك منطقة أوسع في شبه الجزيرة العربية. ومن أهم الأسئلة، التي سيسعى الباحثون للإجابة عليها هو السؤال المتعلق في الوقت، الذي يرجح أن يكون قد وصل فيه البشر الحديثون الأوائل إلى شبه الجزيرة العربية من إفريقيا والمناطق المحيطة بها كذلك. وسيبحثون أيضاً عن أدلة يمكن أن تفيد في الكيفية التي استطاع فيها الإنسان الحديث الأول أن يستمر في الحياة أو يتعرض للفناء في الظروف المتطرفة القاحلة. يشار إلى أن وجود الماء هو مؤشر دقيق على الأماكن التي كانت تهاجر إليها أو تستقر فيها المجموعات الأولى من البشر والحيوانات.وذكر قائد المشروع البروفيسور مايكل بتراليا، المدير المشارك لمركز الآثار الآسيوية في كلية الآثار في جامعة أكسفورد: "من الصور، التي التقطتها ناسا للصحراء العربية نستطيع أن نرى السمات الطبيعية للأرض، التي يمكن رؤيتها من الفضاء وتشير إلى شبكة كاملة من وديان الأنهار السابقة وأحواض البحيرات. هذه الخطوط والانخفاضات في الرمال تعطينا خريطة للمنطقة سنركز عليها نشاطنا في الأبحاث. إن وجود الماء هو مؤشر دقيق على الأماكن، التي هاجر إليها أو استقر فيها البشر الأول والحيوانات. وأضاف: "يوجد في شبه الجزيرة العربية كنز من المواقع الأثرية ورواسب مذهلة لأنهار وبحيرات سابقة. وعلى الرغم من أهمية المنطقة كجسر بين قارتين، إلا أن ما يدعو إلى الدهشة هو أننا لا نعرف إلا القليل حول المرحلة من أحوالها في عصر ما قبل التاريخ. ويقوم هذا المشروع على عدة تخصصات، ومن المفترض أن يؤدي مجموعها إلى الكشف عن قصة لم يروها أحد حتى الآن، لكنها قصة مهمة للغاية حول أثر التغيرات المناخية على البشر الأوائل". وسيحدد الباحثون مواقع الحفريات الرئيسية، بما في ذلك المواقع التي سبق أن تمت فيها بعض الأعمال من قبل، وفي المواقع التي وجدت فيها أدوات حجرية ومستحاثات الحيوانات، مثل القطعان البرية. وسيجري الباحثون كذلك دراسات ميدانية في أحواض البحيرات السابقة، حيث تم اكتشاف بقايا أسماك يبلغ طول بعضها متراً واحداً. وسيستخدم الباحثون عدة تقنيات لتحديد التواريخ، من أجل تحديد أعمار المستحاثات والأدوات الحجرية، وذلك حتى يتمكنوا من وضع تسلسل زمني للمواقع الأثرية. ومن الممكن أن تؤدي دراسات التحديد التاريخي على مستحاثات الحيوانات والنباتات إلى الحصول على معلومات جديدة حول مصادر الطعام المحتملة للبشر الأوائل، إلى جانب تحديد توقيت للتغيرات المناخية. وسيفحص المشروع عينات لبيئة بحرية، وكهوف، وآبار ماء واسعة حالية، وأماكن قلع الأحجار من أجل النظر إلى الطبيعة الطوبوغرافية للمنطقة. وسيفحص كذلك الرواسب على عمق ما بين 30 متراً إلى 60 متراً من أجل قياس آثار التغيرات المناخية، ويلاحظون أية تغيرات من مستحاثات النباتات والأحجار والطبقات، التي يمكن أن تشير إلى الوقت الذي كان فيه المناخ أكثر رطوبة أو أكثر جفافاً. وكذلك سيستخلص العلماء عينات من الحامض النووي للحيوانات الموجودة في شبه الجزيرة العربية. ويعد الحامض النووي على أنه ساعة جزيئية يمكن أن تنبئ الباحثين بالمزيد حول أقرب أسلاف الحيوان الشائعة والمكان، الذي يرجح أن تكون قد وصلت إليه. وسيفحص العلماء الحامض النووي لعدد من الأجناس من مجموعات المتاحف، مثل النعامة، وبقر الوحش الإفريقي، والوعل (تيس الجبل)، والضبع، من أجل تحديد أصلها وتواريخها الديموغرافية، وأنماط الانتشار المحتملة. ومن جهته، ذكر الدكتور خالد الرمضان أستاذ الجيولوجيا المساعد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن اكتشاف وجود شبكة من مجاري الأنهار وأحواض البحيرات ليس جديدا وأنه قد تم إثبات ذلك في دراسات عديدة محلية وعالمية.وقال إن دراسة البنيات الرسوبية تثبت بما لا يدع مجالا للشك وجود بيئات نهرية وأحواض بحيرات في مناطق مختلفة من الجزيرة العربية.وأضاف أن الجزيرة العربية مرت بتغيرات مناخية خلال عصور جيولوجية مختلفة أثرت في طبيعتها من حيث وفرة المسطحات المائية وجفافها، ومن أهم أسباب التغيرات المناخية تحرك الصفيحة العربية خلال العصور الجيوليوجية ووقوعها في مناطق مختلفة على وجه الأرض، موضحا أن الصفيحة العربية، التي تحمل الجزيرة العربية، وبلاد الشام والهلال الخصيب تتحرك من مناطق قرب خط الاستواء وصولاً إلى القطب الجنوبي ثم تحركت تدريجياً إلى موقعها الحالي، وما زالت حتى اليوم تتحرك ببطء باتجاه الشمال لتشهد مناخات متغيرة من رطبة إلى جافة وظروف جيولوجية وبيئية مختلفة.وأشار الدكتور الرمضان إلى أن الدراسات، التي تتناول التغيرات المناخية الناتجة عن حركة الصفائح لم تهتم بتأثير هذه التحولات على التجمعات البشرية، لأنها تعتمد وحدة زمنية كبيرة تصل إلى ملايين السنين. وبين أن هناك عوامل ذات تأثير أسرع على المناخ مثل نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو وتشير الدراسات إلى تفاوت واختلاف نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون خلال حقب قصيرة شهدت تجمعات سكانية بشرية، ومن هنا تبرز أهمية الدراسة، التي تنفذها جامعة إكسفورد لتحديد تأثير التغيرات المناخية على البيئة وربطها بهجرة الإنسان ومناطق استقراره.وبين الدكتور خالد الرمضان أن أهمية مثل هذه الدراسة كونها تقدم معلومات كثيرة لا تتعلق بالجيولوجيا والمناخ فقط، بل تقدم معلومات حضارية وتاريخية ذات أهمية كبيرة للعالم أجمع. وعلى الصعيد الداخلي قال الدكتور الرمضان إن الدراسات الجيولوجية، التي تنفذها مراكز الأبحاث السعودية تركز غالبا على العصور، التي تكون فيها النفط، وهي عصور سحيقة جدا قبل مئات الملايين من السنين.وأضاف أن الدراسة لا يمكن أن تفيد في تحديد مناطق النفط، لأن أدوات وأساليب الكشف عن حقول النفط مختلفة جدا، كما أن الوحدة الزمنية تختلف كثيرا، ولكن الدراسة قد تقدم معلومات قيمة جدا في تحديد الأحواض المائية الجوفية من خلال معرفة مصبات الأنهار القديمة ومجاريها وأحواض البحيرات.وأبان أن الدراسة مهمة أيضا على صعيد دراسات الآثار والحضارات القديمة، مؤكدا أن رمال صحاري الجزيرة العربية تخفي تحتها كثيرا من الحضارات والبقايا لتجمعات سكانية كثيرة، مشيرا إلى أن المناخ المعتدل في تلك الحقب السحيقة ووفرة الأنهار، التي تحددها صور الأقمار جعلت من الجزيرة العربية مكانا مناسبا للاستيطان وأحد أقدم الأماكن، التي أقام عليها الإنسان حضاراته. وأوضح أن التقنيات الحديثة والصور الدقيقة، التي توفرها الأقمار الصناعية، تستطيع تقديم تصور واضح عما تخفيه رمال الجزيرة العربية من كنوز وأسرار.
مصدر الخبر : مجلة الآثار عن الاقتصادية والايميل اليومية البريطاني ووكالات-7/5/2012