مدير معهد الآثار الدكتور عزوق عبد الكريم لـ ''الأحداث''
حان الوقت لإنشاء مدرسة آثار جزائرية تنقد الدراسات الاستعمارية
- هدفنا ربط جسور التعاون العلمي عن طريق إبرام اتفاقيات تعاون مع مختلف الجامعات ومراكز البحث الأجنبية
- نرى حاليا اهتماما كبيرا بالآثار من قبل السلطات العليا للبلاد
-المعهد لا يستطيع فرض وجوده إلا بالإنتاج العلمي
- أنا من المؤمنين عن قناعة بأن تاريخ الجزائر لابد أن يكتب بأقلام جزائرية وبناء على معطيات علمية
شدّد الدكتور عبد الكريم عزوق مدير معهد الآثار على أهمية فتح مشاريع بحث أثري جديدة من تنقبات وجرد واستكشاف وإحصاء لمختلف المواقع الأثرية على المستوى الوطني مثمّنا إشراك وزارة الثقافة للمعهد في مختلف الأعمال الميدانية المتعلقة بالتراث وكذا اهتمام السلطات العليا للبلاد بهذا العلم الحديث في الجزائر. وشدّد عزوق في هذا الحوار لـ ''الأحداث'' على ضرورة مواكبة معهد الآثار لمختلف التطورات العلمية والتكنولوجية وفرض نفسه من خلال الإنتاج العلمي وربط جسور التعاون مع مختلف المراكز والجامعات الأجنبية والوطنية.
نظم معهد الآثار مؤخرا الملتقى الدولي الثاني للتراث والآثار، ما الهدف من تنظيم مثل هذه الملتقيات؟
يأتي الهدف من انعقاد الملتقى الدولي الثاني حول ''مكانة التراث والآثار في مسار جامعة الجزائر'' للوقوف على ما أنجز في مجال البحث الأثري منذ فترة الاحتلال الفرنسي إلى ما تلاها في فترة الاستقلال من وجهة نظر نقدية تحليلية وتقييمية للأعمال المنجزة ثم النظر إلى المستقبل وما ينتظرنا القيام به في مجال الآثار استجابة لمتطلبات السلطات العليا للبلاد وترتيب الأولويات في مجال البحث من جرد وإحصاء ودراسة للممتلكات الثقافية التي لم تصنف إلى حد الآن حتى كتراث وطني، ومد جسور البحث نحو المستقبل.
ألا ترون أن الأبحاث الأثرية التي تمت في الفترة الاستعمارية كان لها توجه معين؟
مما لا شك فيه أن العسكريين الأوائل في الفترة الاستعمارية قد فتحوا مجال البحث في الدراسات الأثرية وفقوا فيما وفقوا فيه وحادوا عن الحقيقة في كثير من الأمور خدمة لأغراض استعمارية بحتة تعزز وجودهم في أرض الجزائر كيف؟
ركز الفرنسيون على دراسة الآثار الرومانية مع إهمالهم للآثار المحلية للترويج بأنهم ورثة الرومان وأصحاب حضارة جاءوا ليعلمونا كما فعل أجدادهم الرومان حسب زعمهم.
وكيف السبيل لتغيير هذه الأفكار؟
أنا من المؤمنين عن قناعة بأن تاريخ الجزائر لابد أن تتم كتابته بأقلام جزائرية خالصة وبناء على دراسات ومعطيات علمية، تهدف إلى تعزيز الروح الوطنية والاعتزاز بالانتماء والهوية والأصالة التي لم تدرج إطلاقا في الدراسات الغربية رغم أن بعضها عبارة عن أبحاث قيمة لكن تفقد في مضمونها إلى هذه الغاية.
ماذا عن استراتيجية معهد الآثار المستقبلية؟
من ضمن استراتيجية المعهد المستقبلية كمعهد نموذجي متميز بكل خصوصياته الاهتمام أولا بالتكوين العلمي الجيد لتكوين رجال مستقبل يعون ويدركون قيمة التراث الأثري الجزائري، ثم أن تكون للمعهد مساهمته في كل الحفريات الأثرية التي تنجز على المستوى الوطني بالاضافة إلى فتح مشاريع بحث أثري جديدة من تنقيبات وجرد واستكشافات وإحصاء لمختلف المعالم والمواقع الأثرية على مستوى الجزائر.
تحقيق الأهداف السالفة الذكر مرتبط بإمكانيات المعهد ما مدى مواكبة الدراسات الأثرية في الجزائر للتطورات الحديثة؟
المعهد يسعى لفرض وجوده على الساحتين الوطنية والدولية من خلال ربط جسور التعاون العلمي عن طريق إبرام اتفاقيات مع مختلف الجامعات الأجنبية ومراكز البحث المختصة للاستفادة من الخبرات العلمية ومسايرة التطورات العلمية الحاصلة على المستوى الدولي، كما يسعى معهد الآثار للتكثيف من عقد الملتقيات الوطنية والدولية سنويا يتم من خلالها تناول محاور علمية لها علاقة بالتراث الحضاري للجزائر.
كما أن المعهد لا يستطيع أن يفرض وجوده إلا بالإنتاج العلمي من كتب متخصصة ومجلة تكون منبرا علميا تثار فيها مختلف المواضيع الحساسة التي لها علاقة بالآثار لأنها تعتبر المرآة العاكسة للقيمة العلمية للمعهد. كما شدّد على ضرورة الاهتمام بالآثار الصحراوية من عمران وعمارة وصناعات وحرف تقليدية لأنها تدل على هوية المجتمع الجزائري وأصالته عبر العصور.
كما أنها لم تحظ بالدراسة لحد الآن وهي تتمثل في القصور الصحراوية والقرى التقليدية المنتشرة في كل من الأوراس ومنطقة القبائل وبعض مناطق الريف الجزائري، إذن فهي تخصص علمي مستقل قائم بذاته يستحق الدراسة والعناية.
يعتبر علم الآثار من العلوم الميدانية القائمة على الحفريات والدراسات الحديثة ما هو واقع الأعمال الميدانية حاليا في الجزائر؟
علم الآثار من العلوم الحديثة التي بدأت في الجزائر كتخصص ضمن المنظومة الجامعية منذ 1977 ولكن عرف تطورا ملحوظا ولو ببطء في السنوات الأخيرة ولكن نرى حاليا اهتماما كبيرا من قبل السلطات العليا للبلاد إدراكا منها بالقيمة التي تكونها الآثار في تشكيل الهوية الوطنية والشخصية الجزائرية وهذا ما نلمسه في مشاريع البحث التي سجلت هنا وهناك بالاضافة إلى الحفريات الأثرية التي كانت قليلة في الفترات الأولى للاستقلال نظرا للإمكانيات المحدودة آنذاك وغياب الحس الأثري لدى المجتمع فللمعهد الكثير من الحفريات التي أشرف ويشرف عليها حاليا هذا دون أن ننسى المساعدات القيمة والتسهيلات والتفتح الذي لمسناه من قبل الساهرين على قطاع الثقافة، وإشراكهم للجامعة ''معهد الآثار'' في كل الأبحاث الأثرية المرتقب إنجازها مستقبلا.
وهذه خطوة جديدة خلفا لما كان عليه الحال سابقا ويعبر عن النوايا الحسنة لقطاع الثقافة وسلطات البلاد العليا للإهتمام بالميدان الأثري.
برمج من بين المشاريع الثقافية الكبرى لرئيس الجمهورية إنجاز المركز العربي للآثار كيف تنظرون لمثل هذه المشاريع؟
إن فكرة إنشاء المركز العربي للآثار مبادرة رائعة أثمّنها وشرف كبير بأن تحتضنه الجزائر ويكون على أرضها وهذا خدمة للتراث الأثري العربي والاسلامي الذي نشترك فيه جميعا. ويعبر في نفس الوقت عن تاريخ واحد وحضارة واحدة ويعزز روح التعاون والاستفادة من الخبرات الأثرية الموجودة في الدول العربية في إطار فضاء جغرافي وتاريخي وحضاري متنوع يخدم الثقافة العربية.
المصدر جريدة الأحداث
حاوره: السعيد تريعة