بسبب جهلهم لهذا التخصص: طلبة حفظ التراث بين الاجتهاد في الحصول على الشهادة والخوف من مستقبل مجهول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يُعد تدريس التراث في الجامعــات الجزائرية من التخصصــات المهمة التي تعكس البعد التــاريخي والحضــاري لـلأمم،
وقد خطــا علم الآثــار في الجزائــر خطوة جبــارة ؛ من خلال ظهــور العديد من رجــال علم الآثــار ، الذين ســاهموا
في بلورة العمل الأثري بأعمالهم في مجال التنقيب وبكتاباتهم المختلفة التي ساهمت في التعريف بعلم الآثار في الجزائر،
كما استفادت منظومة تدريس حفظ التراث والآثــار كغيرها من بعض قطاعات التعليم الأخرى، بإصلاح التعليم العـــالي
الذي يتمثل في العدول عن النظــام الذي كــان سائدا قبل ذلك، والأخذ بنظام السداسيــات والمــراقبة المستمرة للمعــارف
والمعلومات، إلا أن هذا التخصص يعرف تخوفا كبيرا من قبل الطلبة المسجَّلين فيه.
ولمعرفة آراء الطلبة المتخصصين في التراث اقتربت "الموعد اليومي" منهم، وجمعنا بعض الآراء التي تدل في مجملها
على جهلهم بهذا التخصص الذي يحتاج المزيد من التوضيح.
"أفضّل البقاء في مقاعد الدراسة على ولوج عالم البطالة"(مريم.ب) طالبة بقسم حفظ التـراث في السنة الثانية قالت: "أنا لم أختر هذا التخصص عن قناعة وكنت أجهله تمـاما؛
لأن في بطاقة الرغبات تم توجيهي إلى هذا التخصص، وبعد دراستى له أحببته لأنه يجعلك تعرف أكثر عن علم الآثار،
أما الآن فينحصر خوفي من المستقبل؛ لأن الجميع يقولون بأن هذا التخصص لا مستقبل فيه، وهكذا فالطالب يفقد الأمل
منذ السنة الأولى ويصبح خائفا مما هو آتٍ، فيفقد الثقة في نفسه والعلم الذي يدرسه!".
من جهة أخرى، الطــالبة (تويبة.ع) طــالبة في نفس التخصص تقول: "كــل ما هنــالك هو نقص اهتمــام عــــامة النـــاس
أو بالأحرى جهلهم التام بهذا التخصص، لذا تجد الأوليــاء لا يشجعون أبنـــــاءهم على دراسة علم الآثــار، كما أن الجهـــات
المعنية هي المعنية بالدرجة الأولى لإعطاء هذا التخصص مكانته الحقيقية، فأغلب الطلبة يجهلون هذا التخصص ولا يعوّلون
عليه كوظيفة محترمة في المستقبل، وهذا لانعدام المـرافق التي توفر منـــاصب عمل للمتخرجيــن من الجـامعة، وعلى الدولـة
الاهتمام أكثر بهذا القطاع وإعطاؤه المكانة الملائمة والعمل على التعريف به كقطاع هام.
(حميد.م) طالب بقسم فن وحفظ التراث يقول: "مثلي مثل باقي الطلبة، كنت أجهل هذا التخصص، لكن بمجــرد دراستي له
واستيعــابي إيــاه تعلقت به، وعلى هذا الأســاس أدرك كل الإدراك أننا نستطيع أن نقدّم خدمة لهــذا الوطن عن طريـق هــذا
التخصص المهم ، وتبقى مشكلة هــامة تؤرق طلبة حفظ التراث بما أننــا الدفعة الأولى، هي الغموض الذي يتعلق بالمــاستر،
وتخصص فن وحفظ التراث تخصص مميَّز وهام، وسوف يعطي ثماره إذا تم تطويره وتعميمه مستقبلا عبر جامعات الوطن".
الدكتور معروف بالحاج: "الذنب ليس ذنب الجامعة والغياب والتقصير يقع على وزارة الثقافة"سألنا الدكتور معروف بالحاج رئيس قسم التاريخ وعلم الآثار بجامعة تلمسان عن رأيه في الموضوع فأجاب: "توجد مجموعة
من الطلبة تدرس من أجل الشهـــادة، وهناك مجموعة أخرى تعلم تمـــام العلم ما يحتويه هذا التخصص، وطلبة يدرسون بقصد
وبرغبة، وواعون تمام الوعي بهذا العلم، والإشكــال يبقى في بعض التخصصــات الجديدة؛ فليس لدينا عمل ميداني في الجــزائـر
مثل "علم الآثار الوقائي"، ولذلك يوجد مشكل في هذا المجال لتكوين الطلبة، وهذا ما لا يسمح بتكوينهم ميدانيا ولم يلق الترحاب
في الجزائر من قبل الوزارة المعنية؛ لأنها هي المخوَّل لها إدخال علم الآثار في المنظومة التربوية، وهي المعنية بسن تشريعات
في مجال علم الآثار الوقائي، وغياب العمل الميداني ليس ذنب الجـــامعة بل إن التقصير يقع على عاتق وزارة الثقــافة، التي لم
تقم بدورها على أكمل وجه رغم أهمية علم التراث، خاصة الوقائي الذي يسبق المشــاريع، إذ يمكّن من اكتشاف ما يوجد تحــت
الأرض قبل بداية انطلاق المشروع على أرض الواقع، هذا باختصار علم الآثار الوقائي.
أما عن إقبال الطلبة على هذا التخصص، فيضيف الدكتـــور معروف بالحــاج في إطار نظام "lmd": "لا يوجد إلزام للطالب
على دراسة معيّنة، في البداية يلتزم بالجذع المشترك، وفيما بعد له الحق في أن يختار التخصصـــات المطروحة أمــامه؛ بإدخال
علم التـــراث في المنظومة التربوية، والتعريـــف به يمكن أن يولد الحــب والرغبة في نفـــوس الطلبة للالتحـــاق بهذا التخصص،
كما أشير إلى أن أوســـاط العامة من الناس يقولــــون إن دراسة الحجارة هي علم الآثــــار، وهنا يجب تصحيح هذه المعلـــومة،
وعلى هذا الأســــاس نخلق الرغبة أو حب هذه المهنة، وهذه شهادة حية مني على أن العمـــل في هذا التخصص موجود في كل
مكان من الجزائر، وهي بحاجة ماسة إلى الأثــريين، وبإمكاننا خلق منصب شغل في كل بلدية؛ لأن كل بلدية لديها آثار تحتـاج
إلى متخصصين فيه، يقومون بعملية الجـــرد والإحصاء، وأنـــا أرى أن التقصير هنا من جانب الدولة، وتبقى الجامعة مهمتهـــا
الأولى التعليم والتكوين ولـيس خلق مناصب شغل. وفي ظل الظروف الاجتمــاعية الصعبة أصبحت الشهادة الجـــامعية لا تعني
لحاملها شيئا، وبهذه الطريقة ستعرف هذه التخصصات التهميش".
الأستاذ إسماعيل محروق: "التراث وعلم الآثار بمثابة ذاكرة الأمم"من جهته قال لنا الأستاذ إسماعيل محروق المختص في فن وحفظ التراث بجامعة المدية: "فن حفظ التراث في جـــامعة الدكتور
يحيى فـــارس أول قسم وطني يحمل هــذا الاسم، أما بالنسبة إلى تعداد القسم اليــوم، فيحتوي على السنة الأولى والسنة الثـــانية،
وكلا القسمين يحتوي على مائة وخمسين طالب، ليكون العدد الإجمالي ثلاث مائة طالب.
أما عن أهم المقاييس في هذا التخصص فنذكر صيانة وترميم التراث المادي، مع العلم أن تخصص فن وحفظ التراث تخصص
شامل يشمل التراث المادي والمعنوي، بحيث تسعى الجامعة إلى توفير مجموعة من الوسائل البيداغوجية والخرجــات الميــدانية
التطبيقية للجانب النظري، أما بالنسبة للجانب التطبيقي فهناك ورشة للرسم مع توفر الوسائل البيداغوجية مثل الجهاز الكاشف،
وأجهزة الإعلام الآلي، بالإضافة إلى الخرجات الميدانية إلى المتاحف الوطنية والمعالم الأثرية، وإثراء المكتبة الجامعية بالمراجع
المتخصصة في التراث، "ونحن كإدارة واعية بأهمية هذا التخصص والفرص المتاحة بغرض التكويـن بالنسبة للفــرص خاصة
الماستر، نحن بصدد تحضير مشاريع وتخصصات للماستر، كما أن هناك غزارة في البرنامج الثقافي كحمـــاية التــــراث،
وهذا في إطار الحفاظ على ذاكرة الأمة واحترامها على الصعيد الشخصي، وعندما يكون تخصص جديد في المنظومة الجــامعية
أنا كمسؤول، أكون متفائلا به، والطــالب المسجل في هذا التخصص هو المسؤول الأول عن حمل هذا المشعل، ويكــــون القدوة
للأجيال القادمة، وبالتـــالي تستفيد المؤسســــات المعنية من خبرة الطلبة وخلق مناصب الشغل، كما تقوم مديرية الثقـــافة بتنظيـم
ملتقيات لإحياء شهر التــراث كل سنة. ونأمل أن يعمَّم هذا التخصص على المستوى الوطني. كما تحرص مديرية الثقافة بولاية
المدية على تقديم كـل المســـاعدات والتسهيلات للطالب، ولإثراء هذا التخصص أكثر والترغيب فيه هناك مشاريع مستقبلية نعمل
على إنجازها، منها ورشة لترميم التراث على مستوى الجامعة، ومشروع بناء متحف لحفظ التراث.
الأستاذة مليكة تمليكشت: "التخصص عرف إقبالا متزايدا في الآونة الأخيرة"ومن جهة أخرى ترى مليكة تمليكشت أستــاذة في الآثــــــار الإسلاميـــة: "في السنـــــوات الأخيرة هناك إقبال على التخصص،
وهو الشيء الملاحَظ على الطلبة؛ بدليـــــل أن هناك العديد منهم اختــــارو هذا التخصص بمحض إرادتهـــــم، حتى أدوات البحث
أصبحت تتمــــــاشى والتطور التكنولوجي الحالي، وبدأنا نتخلى نوعـــــا ما عن الطرق التقليديــــة، وذلك بالقيـــام ببحوث ميدانية،
وهذا الشيء يحبب الطالب في التخصص، ويبقى الإشكال القــائم على مستوى المعهد الذي يعاني من ضيق المقر، الـــذي أصبح
يعرف إقبالا واسعا كل سنة، وبالتالي يطرح مشكل إلقاء المحاضرات والنقص المسجَّل على مستوى الإمكانــات، للأسف الشديد
هذا التخصص لايزال مجهولا لدى العديد من المواطنين، الذين يجهلون حتى مستقبل الباحث في علم الآثار، وعلى وزارة الثقافة
بمختلف قطاعاتهــا النهوض بهذا القطاع؛ لأنه يوفر العديد من منــــاصب العمل على مستوى المتـــــاحف والمديريــــات الجهوية
للمجاهدين والسياحة.
الموعد اليومي